عكس إعلان الكرملين عدم استبعاد قيام الجيش الروسي بفرض «سيطرة كاملة» على المدن الرئيسية في أوكرانيا تبدلاً في خطط موسكو التي كانت أعلنت سابقاً أنها لا تسعى لاحتلال المدن.

وبعد أكثر من أسبوع على مراوحة القوات الروسية في أماكن تمركزها في محيط العاصمة كييف والمدن الكبرى الأخرى مثل خاركيف وماريوبول بدا أن قرار اقتحامها قد اتخذ ودخل مرحلة الإعداد العملي لذلك. وشهدت خاركيف، خصوصاً، أمس، عمليات قصف عُدت الأكثر شدة ما أنذر باقتحام روسي وشيك لها.

وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن «القوات الروسية لا تستبعد وضع مدن كبيرة في أوكرانيا التي أصبحت اليوم مطوقة تماماً، تحت سيطرتها الكاملة باستثناء بعض المناطق المستخدمة لعمليات الإجلاء الإنسانية»، متعهداً أن تتم مراعاة «ضمان أقصى درجة من الأمن للسكان».

ولفت بيسكوف إلى أن الرئيس فلاديمير بوتين كان قد أمر في بداية العملية الخاصة في أوكرانيا بعدم اقتحام المدن، بما فيها العاصمة كييف، بسبب قيام المسلحين بنشر أسلحة هناك.

وتزامن هذا التطور مع انطلاق جولة مفاوضات جديدة، وصفها الطرف الأوكراني بأنها «شاقة». وقال ميخائيل بودولياك، مستشار الرئاسة الأوكرانية، إن «المفاوضات تجري بشكل شاق وتواجه صعوبات، لكنها مستمرة».

وتركز كييف على «وقف إطلاق النار وسحب القوات الروسية والضمانات الأمنية»، فيما أعلن الرئيس فولودومير زيلينسكي أنه كلف الوفد المفاوض التوصل إلى نتيجة حول عقد لقاء مباشر مع الرئيس الروسي.

وتزامنت المفاوضات، مع تصعيد واسع للحسم العسكري في عدد من المناطق الأوكرانية. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها «دمرت جميع نقاط إطلاق النار» في ماريوبول وضواحيها. وزادت أنها أحكمت السيطرة بشكل كامل على مدينتي ميليتوبول وخيرسون.

في غضون ذلك، التقى مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان مع كبير الدبلوماسيين الصينيين يانغ جيه تشي في روما أمس بعد أن قال مسؤولون أميركيون إنهم يعتزمون التأكيد على العقوبات الاقتصادية التي ستواجهها بكين إذا ساعدت روسيا في حربها في أوكرانيا. وأفادت تقارير إعلامية بأن روسيا طلبت من الصين معدات عسكرية لعملياتها في أوكرانيا، الأمر الذي نفته بكين.
من جهته،حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ، من تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا، داعياً إلى بذل جهود «لتجنب إعصار الجوع وانهيار نظام الغذاء العالمي»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وقال غوتيريش في تصريح صحافي في نيويورك إن «أوكرانيا تشتعل»، مضيفاً: «يتم تدمير البلاد أمام أعين العالم»، وفق تصريحات أوردها الموقع الإلكتروني للأمم المتحدة بالعربية. وأكد وجوب «أن نبذل قصارى جهدنا لتجنب إعصار الجوع وانهيار نظام الغذاء العالمي».

واعتبر أن حظر تصدير المنتجات الزراعية في أوكرانيا وروسيا، من شأنه أن يؤدي إلى تداعيات ستصيب «الأشد فقراً وتزرع بذور عدم الاستقرار السياسي والاضطرابات في جميع أنحاء العالم». وقال إن «هذه الحرب تتجاوز أوكرانيا. كما أنها تُعدّ هجوماً على الأشخاص والدول الأكثر ضعفاً في العالم».

وأشار غوتيريش إلى أن أسعار الحبوب تجاوزت المستويات التي سجّلتها «في بداية الربيع العربي واحتجاجات الأغذية في 2007 – 2008». وقال: «وصل مؤشر (الفاو) لأسعار الغذاء العالمية إلى أعلى مستوى له على الإطلاق»، في إشارة إلى منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.

وأضاف: «إضافة إلى أن 45 من الدول الأفريقية والأقل نمواً تستورد ما لا يقل عن ثلث قمحها من أوكرانيا أو روسيا – 18 من هذه البلدان تستورد 50 في المائة على الأقل، وتشمل بلدانا مثل بوركينا فاسو ومصر وجمهورية الكونغو الديمقراطية ولبنان وليبيا والصومال والسودان واليمن».

وجدّد دعوته إلى «وقف فوري للأعمال العدائية ومفاوضات جادة على أساس مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي».