لم يكن ينقص البلاد الغارقة في العتمة لليوم الخامس على التوالي، وسط جنون ارتفاع سعر الدولار «وتحليق» الاسعار، وغياب تام للدولة «المشلولة» «والعاجزة»، الا غرق «»قارب اليأس» قرب شاطئ طرابلس لتنفجر حرقة الاهالي المفجوعين في المدينة العائمة على كم هائل من الغضب الذي لا يهدأ مع انتشال المزيد من جثث المفقودين الذين قضوا خلال محاولتهم الهجرة بطريقة غير شرعية، ليل السبت الفائت هربا من «جهنم» الفقر والعوز الى المجهول. اما «المضحك المبكي» فيبقى رثاء كبار وصغار المسؤولين للضحايا واصرارهم على حصول تحقيقات «شفافة» لكشف ملابسات الحادثة بعد تعميم اجواء اتهامية طالت دورية خفر السواحل التابعة للجيش اللبناني بالمسؤولية عن غرق السفينة، انها قمة «الانفصام» عن الواقع، وقمة الوقاحة، حين يظن المسؤول عن مأساة هؤلاء انه فوق «الشبهات» ولعل فضيلة السكوت في هذه المواقف تبقى «عين الصواب» في بلد ترتكب كل يوم جريمة دون ان يكون هناك مجرم.
مدينة طرابلس «المهتزة» امنيا على وقع المأساة لم تكن وحدها ساحة للتوتر، امن بيروت اهتز ايضا على وقع اشتباكات عائلية قبل يومين، وكذلك امن الجنوب بعد عودة «الصواريخ اللقيطة» الى مسرح الاحداث مجددا، وتصعيد قوات الاحتلال «المنضبط»، بينما تسير كل الاطراف على «اطراف اصابعها» لمنع الانزلاق الى مواجهة في ظل التصعيد الممنهج في الاراضي الفلسطينية المحتلة. اما سياسيا فلا تزال «المزايدات» الانتخابية على حالها قبل 19 يوما على موعد فتح صناديق الاقتراع في انتخابات لن تغير في المشهد السياسي المحلي الذي تنتظره بعد 15 ايار استحقاقات داهمة ليس اقلها الانهيار الاقتصادي المتواصل دون «كوابح»،وشكل الحكومة الجديدة،والاستحقاق الرئاسي، فيما تبقى»العيون» شاخصة الى كيفية «تسييل» نتائج الحوار الايراني- السعودي الايجابي والبناء جدا في جولته الاخيرة قبل ايام في بغداد، وبعد التدخل الفرنسي قد تكون الساحة اللبنانية اول المستفيدين من تلك الانفراجة اذا ما تمخض عن المحادثات اتفاقات على الملفات الساخنة في المنطقة.