شهدت العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل خلافاً علنياً نادراً تجلى في رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمقترحات الرئيس الأميركي جو بايدن حول خطط الأول لإجراء تعديلات قضائية مثيرة للجدل، وتأكيده أن إسرائيل «دولة ذات سيادة» ترفض التدخل في شؤونها الداخلية حتى من أقرب حلفائها على الإطلاق.

وجاء هذا التطور بعد أسابيع من الضغط الدبلوماسي الهادئ الذي مارسته إدارة الرئيس بايدن على الحكومة اليمينية المتطرفة بقيادة نتنياهو من أجل تراجع الأخير عن خطط فجرت احتجاجات واسعة النطاق في إسرائيل، وأدت إلى ما يعتبره البعض «نزاعاً مفتوحاً بين البلدين»، في وقت اتهم فيه المعارضون الإسرائيليون نتنياهو بأنه يهدد العلاقة الاستراتيجية الحاسمة لإسرائيل مع الولايات المتحدة، مما يمكن أن يضر بقدرتها على مواجهة التحديات الأمنية الهائلة، بما في ذلك الملف النووي الإيراني.
ورداً على أسئلة الصحافيين ، عما يأمله من نتنياهو حيال الإصلاح القضائي المقترح، أجاب بايدن: «آمل في أن يبتعد عنه»، مضيفاً أن حكومة نتنياهو «لا يمكنها الاستمرار في هذا الطريق». وحض على التوصل إلى حل وسط في شأن الخطة. وعندما سئل عن تصريحات السفير الأميركي لدى إسرائيل توماس نايدس في شأن دعوة نتنياهو إلى البيت الأبيض قريباً، أجاب بايدن بصراحة: «لا، ليس في المدى القريب»
.
ورد نتنياهو في بيان نُشر بالإنجليزية على «تويتر»، في وقت غير معتاد قرابة الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، وجاء فيه: «عرفت الرئيس بايدن منذ أكثر من 40 عاماً، وأنا أقدر التزامه الطويل الأمد تجاه إسرائيل». لكنه أضاف أن «إسرائيل دولة ذات سيادة تتخذ قراراتها بإرادة شعبها، وليس على أساس ضغوط من الخارج بما في ذلك من أفضل الأصدقاء».
وفي وقت لاحق، تحدث نتنياهو بنبرة أكثر تصالحية، فقال إن العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة شهدت «خلافات عرضية»، مضيفاً أن التحالف بينهما «لا يتزعزع»، وأكد أنه «لا شيء يمكن أن يغير ذلك».
وجاءت هذه التصريحات المتبادلة غداة قبول نتنياهو بإرجاء التشريعات المقترحة من اليمين المتطرف «لتجنب حرب أهلية»، وبعد يومين متتاليين من الاحتجاجات التي شارك فيها عشرات الآلاف في شوارع إسرائيل.
وقال بايدن: «لا يمكنهم الاستمرار في هذا الطريق… لقد أوضحت ذلك نوعاً ما»، آملاً في أن «يتصرف رئيس الوزراء بطريقة تمكنه من محاولة التوصل إلى حل وسط حقيقي، لكن هذا لم يتضح بعد».
وأثارت انتقادات بايدن ورد نتنياهو «ضجة سياسية» في إسرائيل، حتى مع استمرار الرئيس إسحق هرتسوغ في جهوده لإيجاد تسوية.
ودعا منظمو الاحتجاجات الإسرائيليون إلى مظاهرة دعماً لبايدن خارج مبنى السفارة الأميركية في تل أبيب، الخميس، في حين ضاعف حلفاء نتنياهو انتقاداتهم. وكتب زعيم المعارضة في الكنيست الإسرائيلية يائير لبيد على «تويتر» أن إسرائيل أقرب حلفاء الولايات المتحدة منذ عقود، لكن «الحكومة الأكثر تطرفاً في تاريخ البلاد دمرت ذلك في ثلاثة أشهر».