أنطوان القزي
هل تذكرون إيلان الكردي وهو طفل سوري صغير لم يتجاوز الثالثة من العمر، مات غرقاً عام 2015 وصعقت صورته على شاطئ بحر إيجة ضمير العالم، بعد أن وجده شرطي تركي، حيث كان برفقة والديه وأخيه فيما كانوا يحاولون الوصول إلى اليونان بواسطة قارب صغير محمّل باللاجئين السوريين الهاربين من جحيم الحرب.
روح إيلان دمعت فجر الإثنين الماضي ولا تزال على بني جلدته ضحايا الزلزال المدمّر الذي أصاب تركيا وسوريا.
وكأن اللاجئين السوريين كان ينقصهم هذا البلاء الذي نزل على أسقف منازلهم المتهالكة في هذا الشتاء الجارح، فـ«ماتوا نياماً» كما قال تقرير صحافي أميركي، تحت ضربات الزلزال الرهيب الذي انقضّ على الناس في جنوب تركيا وشمال سوريا
ولعلّ قمّة المأساوية كانت في في بلدة جنديرس، شمال سوريا، حيث انتشل سكان وعمال إنقاذ رضيعة ولدت بأعجوبة تحت الركام، وبقيت متصلة عبر حبل الصرة بوالدتها التي قضت بعدما دمر الزلزال منزل العائلة. وأبصرت الصغيرة النور يتيمة، بينما قضى أفراد أسرتها جميعاً: والدها عبد الله المليحان، ووالدتها عفراء، مع أشقائها الأربعة، إضافة إلى عمتها.
لا تسعف الكلمات خليل السوادي، قريب العائلة. قال بتأثر شديد للوكالة الفرنسية، الثلاثاء: «كنا نبحث عن أبو ردينة (خليل) وعائلته، وجدنا أولاً شقيقته ثم عثرنا على أم ردينة وكان هو قربها». وأضاف: «سمعنا صوتاً عندما كنّا نحفر، سبحان الله (…) نظفنا التراب لنجد الطفلة مع حبل الصرة، قطعناه وأخذها ابن عمي إلى المستشفى”.
وفي مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر مجموعة من الرجال فوق ركام مبنى مدمّر بينما يهرول رجل من خلف جرافة صفراء وهو يحمل الرضيعة عارية إلا من طبقة من الغبار الممزوج بالدماء غطت جسدها الهزيل الذي تدلى منه حبل الصرة. ووسط درجات حرارة متدنية، يعلو صوت رجل في خلفية الفيديو يطلب إحضار سيارة لنقلها إلى المستشفى، بينما يركض رجل آخر فوق الركام ويرمي بطانية ملونة للفّها، وسط تدني درجات الحرارة التي لامست الصفر.
و تمكن عناصر الإنقاذ وسكان من إخراج جثث العائلة بعد ساعات من البحث والعمل المضني بإمكانيات ضئيلة، فيما تتلقى الرضيعة العناية الطبية في حاضنة داخل مستشفى جيهان في مدينة عفرين في أقصى شمال محافظة حلب.
عند وصولها إلى المستشفى، عانت الطفلة من برودة شديدة في أطرافها وحرارة داخلية منخفضة، بعدما أمضت ساعات تحت الأنقاض بعد ولادتها، وفق تقدير الطبيب المعالج.
ويقول اختصاصي الأطفال هاني معروف الذي يتابع وضعها الصحي، لوكالة الصحافة الفرنسية: «أجرينا لها إسعافات أولية، وأعطيناها الكالسيوم عبر الحقن الوريدي؛ كونها بقيت لساعات من دون رضاعة”.
ويضيف: «حالتها العامة مستقرة، لكن ثمة كدمات شديدة على جسمها»، مرجحاً أن تكون تلقتها وهي في رحم والدتها. ويتوقع أن تكون الولادة قد تمّت بعد قرابة 7 ساعات من حصول الزلزال.
ويوضح معروف أن وزنها يتجاوز 3 كيلوغرامات، وهو الوزن الطبيعي لطفل حديث الولادة، ما يعني أن أمها كانت اقتربت من موعد ولادتها.
وبينما الصغيرة قيد المراقبة الطبية، تم بعد ظهر الثلاثاء تشييع بقية أفراد أسرتها في جنديرس.