لولا الإشارة إلى قضية النازحين بشمولية، والمطالبة بالانسحاب الإسرائيلي من كلّ الأراضي العربية المحتلّة بما فيها الجولان العربي السوري والأراضي المحتلة في جنوب لبنان إلى حدود الرابع من حزيران عام 1967، لَجاءَ بيان القمّة العربية في نواكشوط خلواً من أيّ إشارة إلى لبنان الذي طالبَ خلالها بإنشاء صندوق للدول المضيفة للنازحين، وهو في مقدّمهم، ولكنّ البيان الختامي جاء عامّاً وشاملاً في هذا الاتّجاه من دون كشفِ أيّ تفاصيل.
إقترَح رئيس الحكومة تمام سلام أمام القمّة «تشكيل هيئة عربية تعمل على بلورة فكرة إنشاء مناطق إقامة للنازحين داخل الأراضي السورية، وإقناع المجتمع الدولي بها» ودعا، في انتظار تحقيق ذلك، إلى «إنشاء صندوق عربي لتعزيز قدرة المضيفين على الصمود، وتحسين شروط إقامة النازحين الموقتة».
وشدّد على الطابع الموقّت للوجود السوري، معلناً أنّ لبنان «ليس بلد لجوء دائم، وليس وطناً نهائياً إلّا لأهله»..
وذكّر سلام المؤتمرين بأنّ لبنان «تعرّض لموجة إرهاب عابرة للحدود، وعلى الرغم من أزمتنا السياسية، التي حالت حتى الآن دون انتخاب رئيس للجمهورية، تمكّنا من التصدّي لهذه الظاهرة التي تنشر العنف بلا أيّ وازع ديني أو أخلاقي».
وقال: «إنّنا مطالبون بالخروج من موقف الدفاع في وجه هذا الوحش، وتجنيد كل الطاقات الأمنية والسياسية والفكرية لمحاربته بكلّ الأشكال». وأكّد «حرص لبنان الدائم على المصلحة العربية العليا، وتضامنَه مع أشقائه العرب في كل قضاياهم المحقّة».
وقال: «نحن لسنا محايدين في كلّ ما يمس الأمن القومي لأشقائنا، وخصوصاً دول مجلس التعاون الخليجي، ونرفض أيّ تدخّل في شؤون البلدان العربية ومحاولة فرض وقائع سياسية فيها، تحت أيّ عنوان كان». وشدّد على أنّ «لبنان لم يعتَد من إخوانه العرب، إلّا تعامل الشقيق الأكبر، المتفهّم لواقعه، الداعم لتماسكِه، والحريص على تجربة العيش الواحد بين الطوائف والمذاهب فيه».
منصور
في غضون ذلك، وصَف وزير الخارجية السابق عدنان منصور قمّة نواكشوط بأنّها «قمّة الأمل المفقود»، وقال: «في الشكل، عندما تُعقد القمّة مرّة في السنة فيجب على الأقل ان يحضرها الرؤساء والملوك أسوةً بالقمم التي تنعقد في العالم، مثل القمة الاوروبية وقمّة شانغهاي وقمّة دول بحر قزوين أو دول اميركا اللاتينية. أفهم أن يغيب شخص مسؤول، رئيس أو ملك، لكن أن يغيب عن الساحة اكثر من نصف أعضاء دول الجامعة العربية ولا يحضروا القمّة ويكون مستوى الحضور هزيلاً، فهذا يدلّ على عدم جدّية التعاطي مع الاحداث التي تنعقد القمّة من أجلها».
وأضاف: «ثمّ إنّ القمّة تنعقد في جوّ أبعد ما يكون عن وحدة الصف العربي والهدف العربي، في اعتبار أنّ الخلافات مستحكمة في داخل البيت العربي، فكيف يمكن إيجاد حل أو قرار حاسم بالنسبة للقضايا التي تتعلق بعالمنا العربي، سواء في مواجهة الإرهاب أم في مجال العمل العربي المشترك أو الأمن القومي العربي أو المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؟».
فرنجية في الديمان
وخرَق الجمود السياسي السائد في البلاد زيارةُ رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية للصرح البطريركي في الديمان مساء أمس ترافقُه عقيلته السيّدة ريما فرنجية والخوري إسطفان فرنجية، حيث التقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وكان في استقبالهم عند مدخل الصرح المحامي وليد غياض والمطران مارون العمار، وانتقل الجميع الى شرفة الجناح البطريركي حيث تمّ عرض مجمل التطوّرات على الساحة اللبنانية، واستبقى البطريرك فرنجية إلى مائدة العشاء، لتُعقد بعدها خلوة استمرّت نحو ساعة تمّ خلالها عرض المستجدّات على الساحة المحلية، ولا سيّما منها موضوع الفراغ الرئاسي، وغادر بعدها فرنجية من دون الإدلاء بأيّ تصريح.
ولكنّه قال ردّاً على سؤال: «لن أقول شيئاً، فلم يعُد ينفع الكلام، «ما بينفع إلّا الصلاة».
وفيما تردّدت معلومات عن أنّ الراعي طلب من فرنجية سحبَ ترشيحه لمصلحة رئيس تكتّل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، نفَت مصادر البطريركية المارونية أن يكون الراعي طلبَ مثلَ هذا الأمر من زائره. وأكّدت انّ البطريرك يدعو الزعماء الموارنة وجميع القيادات اللبنانية الى الاتفاق على انتخاب رئيس للبلاد.
مخطّط إرهابي
أمنياً، دقّ الإرهاب مجدداً جرس الإنذار للّبنانيين، لمزيد من اليقظة في مواجهة هذا الخطر الذي يحاول الإرهابيون زرعَه في الأرجاء اللبنانية.
ولعلّ الخطير في الامر، تسليط الارهابيين أنظارَهم على البوّابة الجنوبية، انطلاقاً من مخيّم عين الحلوة، سعياً منهم، وفي التوقيت الملائم لهم، إلى جعلها منفذاً لمخطط خطير، كان الإرهابيون على وشك الشروع في تنفيذه لضربِ الداخل اللبناني بتفجيرات وغزوات وتدمير وإثارة فوضى في المناطق اللبنانية وزرع الفتنة بين اللبنانيين.
وعلم من مصادر موثوقة أنّ المجموعات الإرهابية التكفيرية، عملت في الفترة الاخيرة على تشكيل عدد من الخلايا الإرهابية، وتجنيد الإرهابيين والانتحاريين داخل مخيّم عين الحلوة.
وأتبَعت ذلك بإعداد خطة خطيرة حدّدت فيها مجموعة أهداف:
الهدف الأوّل: ضربُ وحدات الجيش المتمركزة في محيط المخيّم، ومحاولة قطعِ خطوط إمداد الجيش ونقاطه ومواقعه الموجودة في أطراف المخيّم أو في المناطق القريبة أو حتى نحو طريق بيروت ـ صيدا. والأهمّ هو ضرب الطرق الحيوية التي يَسلكها الجيش اللبناني نحو ثكنِه بغية قطعِ المؤازرة عنه، وبالتالي يكون الهدف عزل تلك النقاط والانقضاض عليها.
الهدف الثاني: قطعُ طريق الجنوب، صيدا ـ الغازية، وأوتوستراد صيدا – الزهراني الذي يمرّ من مناطق محاذية للمخيّم، بصفته شرياناً حيوياً يجب قطعُه لكي يضيّق الخناق على «حزب الله» وبيئته. على أن يتمّ ذلك، إمّا بالقنص من بعيد من أماكن مشرفة داخل المخيم، وإمّا من طريق الغزو المباشر وتنفيذ هجمات مفاجئة وارتكاب مجازر في حقّ العابرين.
الهدف الثالث: إشغال الجيش وإرباكه، إنْ فكّرَ في شنّ عملية عسكرية ما، أو تنفيذ ضربة عسكرية ما للمخيّم في حال تحرّك ضد المناطق التي تأوي الإرهابيين الفارّين إلى داخل المخيّم.
ويروّج الإرهابيون، كما هو وارد في الخطة الإرهابية، أنّ الجيش سيعمل وفق سيناريو القضمِ لتلك المناطق، إنْ دخلَ إليها، أي عزلها وتقسيمها بغية تسهيلِ حركته فيها وتطويق الإرهابيين في جيوب صغيرة تمهيداً لقتلِهم أو اعتقالهم أو الانقضاض عليهم».
الهدف الرابع: إحداثُ الفوضى في مدينة صيدا وجوارها عبر عمليات تفجير واغتيالات.
الهدف الخامس: إحداثُ فوضى كبيرة ودمار وترويع في سائر المناطق اللبنانية، وتحديداً في بيروت وضاحيتها الجنوبية عبر استهداف تجمّعات وأماكن سكنية مكتظة.
ولقد بلغَت الجيشَ معلومات موثوقة بأنّ أمير»داعش» في مخيّم عين الحلوة عماد ياسين قد تلقّى في الفترة الأخيرة توجيهات مباشرة من مسؤول العمليات الخارجية في «داعش» المدعو أبو خالد العراقي، يطلب فيها القيام سريعاً بعمليات تفجير كبيرة، على غرار تلك التي جرَت في العراق أخيراً وأوقعَت مئات الضحايا.
يتزامن ذلك مع تحرّكات مشبوهة تُعِدّها «داعش» والمجموعات الإرهابية لمنطقة الشمال، وثمَّة معلومات موثوقة عن محاولات لتهريب السلاح إلى المنطقة، بحيث تضرب بلدة عرسال عبر اغتيال وتصفية وجهائها إلى جانب أعضاء المجلس البلدي الجديد والمختارين الذين يَعتبر التنظيم الارهابي أنّهم لا يَدورون في فلكِه.
مرجع أمني
وقال مرجع أمني كبير «إنّ الجيش اللبناني يملك معطيات خطيرة، عن انّ عماد ياسين يخطط لأعمال إرهابية كبيرة في الداخل اللبناني، من صيدا إلى بيروت وسائر المناطق اللبنانية، وأنّ الجيش لن يسمح أبداً لتلك المجموعات الارهابية بأن تعبثَ بلبنان».
وأضاف: «هذا الوضع الخطير يدفعنا من جديد للتوجّه إلى سكّان المخيم والفصائل الفلسطينية، لأنّ التراخي في هذا المجال قد تكون له العواقب الوخيمة على المخيّم وأهله وكذلك على محيطه، وهذا يقتضي أن تتحمّل الفصائل وأبناء المخيّم المسؤولية فيَلفظوا الأجسام الإرهابية منه».
ولفتَ المرجع الانتباه إلى «أنّ الجيش قد أوصَل رسائل واضحة وحازمة إلى المعنيين، مفادُها أنّه بمقدار ما تشكّل المجموعات الإرهابية داخل مخيّم عين الحلوة خطراً على لبنان، فإنّها تشكّل الخطر الأكبر على المخيّم، وليس بعيداً أن تحاول الانقضاض عليه في أيّ وقت للسيطرة عليه ومحاولة جعلِه منطلقاً للعمليات الإرهابية إلى الداخل اللبناني مع ما لذلك من آثار وعواقب تدميرية».
اللجان وقانون الانتخاب
وفي حين يظلّ الوضع الحكومي تحت المجهر، يَعقد مجلس الوزراء جلستين هذا الاسبوع؛ الأولى قبل ظهر اليوم الأربعاء لمناقشة وإقرار جدول أعمال عادي، والثانية بعد غد الخميس، وهي مخصّصة للبحث في بند الاتصالات.
جرَيج
وقال وزير الإعلام رمزي جريج: «مجلس الوزراء يعمل ويعقد جلستين في الاسبوع والملفات تُطرح، وطبعاً التعثّر موجود، وهو ناجم من الخلافات بين القوى السياسية، والتي تنعكس على عمل المجلس، ولكنّ القرف يحكمنا جميعاً بسبب الشغور الرئاسي الذي يلقي بظلاله على عمل الحكومة وعمل مجلس النواب.
ولكن آخر مظهر للشرعية هو بقاء هذه الحكومة، لذلك نحن باقون لكي نمثّل الشرعية في الداخل والخارج، والدليل أنّ لبنان يشارك في مؤتمر القمّة العربية، ولكن نتمنّى أن يقرّبَ الحوار الذي سيُعقد برعاية الرئيس بري وجهاتِ النظر ويمهّد لانتخاب رئيس جمهورية جديد».
ضابطة بيئية
وكانت الأمانة العامة لمجلس الوزراء قد عمّمت أ جدول أعمال الجلسة العادية غداً ويضمّ 29 بنداً، ذُكر أنّ بعضَها «سقط سهواً من جلسة مجلس الوزراء التي عُقدت في 21 تمّوز 2016»، بالإضافة الى بنود أخرى لم يستكمل البحث فيها خلال تلك الجلسة.
وعلم أنّ أبرز ما في جدول الأعمال الذي غابت عنه القضايا البارزة والخلافية، مشروع القانون الخاص بـ»تخصيص محامين عامين متفرّغين وقضاة تحقيق لشؤون الصحة العامة»، ومشروع مرسوم يرمي الى إنشاء «ضابطة بيئية» وتحديد عدد أعضائها وتنظيم عملها».
وقالت مصادر وزارية إنّ هذه الخطوة هي الأولى من نوعها في لبنان باتّجاه التأسيس للجهاز القضائي المتخصّص في شؤون الصحة والبيئة، أسوةً بالنيابة العامة المالية لمواكبة تنفيذ القانون الخاص بسلامة الغذاء ومواكبة البرامج البيئية المقرّرة على أكثر من مستوى.
وعلى جدول الأعمال أيضاً قضايا ماليّة وإدارية مختلفة، منها مشروع مرسوم يرمي الى إبرام البرنامج التنفيذي للتعاون السياحي بين لبنان والأردن، وطلب وزارة الداخلية تشكيلَ لجنة لدرس التعويضات المترتبة جرّاء إشغال اللاجئين الفلسطينيين لبعض العقارات الخاصة على الأراضي اللبنانية ومشروع مرسوم لتنظيم طريقة إدارة وتسيير الصندوق الخاص بالآثار والمنشآت التراثية والتارخية.
اللجان المشتركة
وفي ملف قانون الانتخاب، قبل 48 ساعة على الموعد المقرّر لاجتماع للّجان النيابية المشتركة التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل ظهر اليومالأربعاء لمتابعة درس اقتراح القانون الرامي إلى تعديل قانون الانتخاب باعتماد صيغة النظام المختلط بين الأكثري والنسبي، توقّعت مصادر نيابية ان تتجدّد المقاطعة النيابية لهذا الاجتماع، فيطير النصاب للمرّة الثانية في غضون أسبوعين.
أوغاسابيان
وقال عضو كتلة «المستقبل» النائب جان أوغاسابيان: «إنّ طاولات الحوار تؤثّر إيجاباً على المناخ السياسي في البلد وعلى تهدئة الخطاب، وفي الوقت نفسه يجري فيها بحثٌ جدّي ومعمّق في المسائل من دون التوصّل الى حلول». واعتبر «أنّ الحلول مستبعَدة، لكنّ طاولة الحوار في الوقت نفسه تشكّل ضرورة لتهدئة الوضع الداخلي، في انتظار فرجٍ ما من الخارج».
واستبعَد أوغاسابيان التوصّل قريباً إلى حلّ لملف قانون الانتخاب، وقال: «أكبر برهان أنّ طاولة الحوار لم تتوصّل حتى الآن الى تفاهم ولو في الشكل، كما أنّنا في اللجان النيابية المشتركة لا نزال في المربّع الاوّل، وبالتالي فإنّني أرى أنّ من الصعوبة التوصّل إلى تفاهم، إضافةً إلى أنّ المواقف الصادرة حول هذا الشأن بعيدة بعضُها من بعض.
فما بين النسبية الكاملة، والقانون المختلط، وقانون الانتخاب الفردي، التباينات كبيرة جداً، حتى إنّ «التيار الوطني الحر» ينادي مجدداً بالقانون الأرثوذكسي. ولذا مِن الواضح انّ المواقف لا تزال متصلّبة ومتباعدة».
ورأى «أنّ طاولة الحوار لن توصل إلى تسوية سياسية في مسألة رئاسة الجمهورية، فهذه التسوية تحتاج الى توافق إقليمي، وهو غير متوافر حالياً، فالتوتّر الإيراني ـ السعودي مستمرّ، وفي الوقت نفسه الحلّ السلمي في سوريا مستبعَد، لا بل إنّ سوريا ذاهبة إلى مزيد من التوتر، كذلك يجب أن لا ننسى أنّ الانقلاب الفاشل في تركيا قد خَلط الأوراق».