على خلاف كل التوقعات التي نتجت عن ارتفاع نسب الفقر والبطالة، بين صفوف سكان قطاع غزة بسبب الحصار الإسرائيلي، إلا أن أرقام المحاكم الشرعية المختصة بعقد القران أظهرت أن العام الماضي، سجل أعلى نسب للزواج في القطاع منذ أن نشأت هذه المحاكم، وهو ما يرجعه الكثيرون لشركات «تيسير الزواج» التي أسست مؤخرا في القطاع.
وفي آخر الإحصائيات حول نسب الزواج، ذكر المجلس الأعلى للقضاء الشرعي في غزة، أن عدد حالات الزواج في القطاع في 2015 هي الأعلى منذ أن نشأت هذه المحاكم. وتقول الأرقام المقدمة إن المحاكم الشرعية المختصة أتمت 20778 عقد زواج، وهو يعتبر الرقم الأكبر منذ أن جرى إنشاء هذه المحاكم في القطاع.
وذكر رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي الشيخ حسن الجوجو، خلال لقاء مع الصحافيين نظمه مكتب الإعلام الحكومي، أن جميع المعاملات التي أتمها القضاء الشرعي بلغت 275 ألفا و 031 معاملة تم انجازها ما بين دعاوى زواج وطلاق وحجج وإرشاد وإصلاح أسري ومعاملات أخرى من اختصاصاتها، وهنا أكد أن هذه المعاملات التي أجريت في العام المنصرم كانت الأعلى مقارنةً بمثيلاتها في الأعوام السابقة.
وبالتفصيل قدم شرحا عن عمل كل محكمة من المحاكم التي تتبع القضاء الشرعي، حيث أوضح أن المحاكم الشرعية الابتدائية عملت بشكل كبير، وأنجزت 269 ألفا و 237 معاملة انقسمت إلى تفاصل الدعاوى وتفاصيل الزواج والطلاق. وشرح أن نسب الزواج سجلت زيارة مقدارها 4650 عقدت مقارنة بعام 2014 الذي بلغ في حينه 16128 عقد، منها 4091 كان في مناطق شمال قطاع غزة، و 7353 عقد في مدينة غزة، وفي المنطقة الوسطى 2821 عقد، وخان يونس 4096 عقد، في حين بلغت العقود بمدينة ورفح 2417.
وبخصوص حالات الطلاق، فقد أشار الشيخ الجوجو أن عدد حالات الطلاق للعام 2015 بلغت 3.281 حالة بنسبة 15.8 % وهي نسبة أقل من العام الماضي، حيث بلغت نسبة الطلاق للعام قبل الماضي 17.9 %.
وأوضح في سياق التصريحات الصحافية التي أدلى بها إلى أن نسبة 34.8 %من حالات الطلاق تمت قبل إتمام مراسم الزفاف أي خلال الخطبة، وأن نسبة 56.2 % من الطلاق تمت بعد الزواج، وأن نسبة الزواج للطلاق في غزة هي 20778 حالة زواج و3281 حالة طلاق.
وهذه الأرقام تشير إلى أن الانخفاض في الطلاق والارتفاع في الزواج حدث رغم ارتفاع نسب الفقر والبطالة، التي خلفها الحصار الإسرائيلي المفروض منذ عشر سنوات، خاصة وأن سنواته الأولى سجلت ارتفاعا في الطلاق وانخفاضا في نسب الزواج.
وبذلك تكون نسبة العنوسة في وسط الشبان والفتيان قد أخذت بالنقصان، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع أعداد السكان، والمقدر أن يصل عددهم قبل نهاية العام الجاري إلى مليوني نسمة.
وفي غزة هناك الكثير من يرجع ارتفاع نسب الزواج رغم تكاليفه الكبيرة إلى انتشار شركات «تيسير الزواج» التي أسفرت منافساتها على تقديم تسهيلات وخدمات أكبر للشبان المقبلين على تكوين الأسر الجديدة. وتنتشر هذه الشركات في كافة مدن ومخيمات قطاع غزة، وفي بعض الأحيان يتواجد في المنطقة الواحدة أكثر من شركة مختصة بهذا الأمر.
وتقوم فكرة هذه الشركات على تقسيط تكاليف الزواج ومتطلباته، بحيث تعرض على العريس تقديم غرفة النوم، وكذلك بعض الأجهزة الكهربائية الضرورية، مع ملابس الفرح للعروسين، إضافة إلى كوافير العروس، ودعوات الفرح، وتزيين سيارة الفرح، والعربات التي تقل المعازيم، وذلك صالة الفرح والتصوير، والطعام المقدم للضيوف، مقابل مبلغ مالي ليس بالكبير، يقوم العريس بتقسيطه على عدة دفعات تبدأ بعد إتمام مراسم الفرح.
«القدس العربي» زارت أحد هذه الشركات الناشطة في قطاع غزة، فأكد أحد المشرفين العاملين بها، أنهم يقدمون خدمات كبيرة لقطاع الشبان الذين لا يقدرون على توفير متطلبات الزواج دفعة واحدة، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها القطاع.
وأشار إلى أن خدماتهم المقدمة أدت إلى ارتفاع نسب الزواج، وأن الكثير من زبائن الشركة أكدوا أنهم لم يكن بمقدورهم الإقدام على الزواج وتوفير متطلباته دفعة واحدة. وتقوم فكرة الشركة كما يوضح هذا المشرف على التعاقد مع العديد من معارض الأثاث وصالات الأفراح وشركات النقل، حيث يتم دفع ما لهم من أموال على شكل دفعات، مع سداد مجموع الشبان ما عليهم من أقسام شهرية، وبذلك تدور عجلة الاقتصاد، وتستفيد الشركة من هامش الربح المتوفر لديها,
وفي العادة تتطلب عملية الزواج أموالا كبيرة، إذ يحتاج العريس في غزة مثلا أن يدفع ما مقداره أكثر من 500 دولار أمريكي فقط لتأجير فستان الفرح الأبيض للعروس وإرسالها للكوافير يوم الزفاف، و700 دولار مقابل حجز صالة الفرح المتوسطة، علاوة عن مبلغ يقدر بأكثر من 1500 دولار ثمن غرفة النوم، ومثلهم ثمن طعام غذاء الضيوف ومواصلات نفلهم لصالة الفرح.
ولم يقف حد القائمين على شركات «تيسير الزواج» والوزارات المهتمة عند هذا الأمر، فبدأ التفكير جديا في استثمار ما لديهم من إمكانيات متوفرة، من أجل عقد دورات للعروسين قبل اتمام مراسم الزفاف، بهدف إعلامهم بحقوقهم وكيفية تكوين أسر قوية، ولإبعاد شبح الطلاق مستقبلا.
وقبل أيام قليلة انتظم شبان فلسطينيون في دورة تدريبية ضمن برنامج إرشادي عن الزواج، لإعدادهم للحياة الزوجية، من خلال تقديم استشارات دينية وقانونية وطبية ونفسية، تساعدهم على تخطي أي عقبات مستقبلية.
وحضر الدورة الأولى عشرات الشبان والفتيان، ويجري التركيز على تقديم نصائح لهم تشرح الفروقات بينهم، وكيفية التغلب على المشاكل إن حدثت مستقبلا، وقدمت المؤسسات والجهات الراعية للدورة التدريبية هدية لمن حضرها قيمتها 60 دولارا أمريكيا.
وفي هذا الإطار، فقد أعلن قائمون على شركات «تيسير الزواج» أن لديهم تفكير في تشغيل مشروع «رخصة قيادة الأسرة»، من أجل الحد من الطلاق، وهو مشروع يقوم على إعطاء دورات لكل المقبلين على الزواج، عبر هذه الشركات، تقدم نصائح دينية واجتماعية ونفسية وتربوية.
وبالعودة إلى أرقام السكان في غزة، فقد قال مدير عام الأحوال المدنية بغزة أحمد الحليمي: أنه وفقًا للزيادة السكانية المنتظمة في قطاع غزة فمن المتوقع أن تعداد السكان، سيكمل مليوني نسمة مع حلول شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
ووفقا لأرقام وزارة الداخلية فإن العام الماضي شهد تسجيل 53 ألف و729 مولوداً جديداً، وأفادت الإحصائية، بأن تعداد سكان القطاع حتى مطلع العام الماضي بلغ مليوناً و957 ألفاً و194 نسمة، بلغت نسبة الذكور منهم 50.66 % بواقع 991 ألفاً و499، في حين بلغت نسبة الإناث 49.34 % بواقع 965 ألفاً و650.