معركة زحلة البلدية: انقسام سياسي ومواقف متباينة تعيد رسم المشهد الانتخابي

تُخاض في زحلة واحدة من أكثر المعارك البلدية سخونة في المرحلة الثالثة من الانتخابات المحلية المقررة في 18 أيار 2025، وسط انقسام سياسي لافت وتحالفات غير تقليدية، ما يجعل من هذه المواجهة استحقاقًا مفصليًا في المشهد الزحلي.

لائحتان متنافستان وتحالفات متضادة

يتواجه في زحلة فريقان رئيسيان:

  • لائحة “قلب زحلة المدعومة من حزب القوات اللبنانية، برئاسة المهندس سليم غزالة، وتطرح نفسها كخيار تغييري، جامع بين الكفاءة والانتماء المحلي، مع تعهد بإخراج العمل البلدي من التجاذب السياسي.
  • لائحة “رؤية وقرار برئاسة رئيس البلدية الحالي أسعد زغيب، وتحظى بدعم ائتلاف سياسي واسع يضم حزب الكتائب اللبنانية، والكتلة الشعبية (ميريام سكاف)، والنائب ميشال ضاهر، والوزير السابق نقولا فتوش، إضافة إلى النائبين السابقين سيزار ويوسف معلوف، و”التجمع الزحلي العام”.

موقف “التيار الوطني الحر”: حياد مدروس

في خضم الاستقطاب، أعلن التيار الوطني الحر موقفه الرسمي مساء السبت، فاختار الوقوف على الحياد وترك حرية التصويت لمناصريه. وجاء في بيانه:

“لمّا كان موقف التيار الوطني الحر منذ البداية هو الوقوف وراء خيار العائلات، على قاعدة أن ‘البلدية للناس، والناس منا وفينا’… فقد قرر التيار ترك الحرية للملتزمين والمؤيدين بالتصويت من بين المرشحين لمن يرونه مناسباً لتوجهاتهم، شاكراً للمرشحين السبعة موقفهم الراقي ومقدّراً انسحابهم انسجاماً مع توجهه”.

هذا الموقف الذي تبنّاه “التيار” بعد استطلاع داخلي للرأي، أفسح المجال لحرية القرار القاعدي، رافضًا الانحياز لأي من اللائحتين رغم المساعي المتكررة لاستقطابه.

موقف النائب سامي الجميّل: معركة سيادية

من جهته، شدد النائب سامي الجميّل، رئيس حزب الكتائب، على دعمه للائحة “رؤية وقرار”، معتبرًا أن هذه المعركة “ليست سياسية بل سيادية”، مؤكدًا أن التحالف يضم قوى سيادية متفقة على رفض سطوة السلاح ومحاولات التأثير غير الديمقراطي.

وفي ما خصّ المرشح الشيعي على اللائحة، أوضح الجميّل أنه “مستقل” وسبق أن كان على لائحة مشتركة مع القوات في الاستحقاق السابق، نافياً أي علاقة له بـ”الثنائي الشيعي”.

موقف النائب جورج عقيص: معركة سياسية ضد الهيمنة

أما النائب جورج عقيص عن حزب القوات اللبنانية، فاعتبر أن معركة زحلة “سياسية بامتياز”، تهدف إلى “تثبيت الهوية السياسية للمدينة”. واتهم خصوم اللائحة بأنهم “تحالف غير متجانس” اجتمع فقط لإسقاط “القوات”، مشيرًا إلى محاولات من “حزب الله” للتأثير على المعركة البلدية في المدينة كما حصل في مناطق أخرى.

عقيص حذّر من استخدام المال الانتخابي للتأثير على الناخبين، ودعا الأجهزة الأمنية إلى التحرك. كما نبّه إلى خطورة المخطط التوجيهي الجديد الذي، برأيه، يهدد الاستثمارات ويقيّد التنمية في المدينة.

الصوت الشيعي والمجهول الحاسم

وفي موازاة المواقف المعلنة، لا يزال الصوت الشيعي، الذي يُقدّر بحوالى 4,000 ناخب، غير محسوم الاتجاه، ما يجعله عاملاً مرجّحًا في ظل التوازن الدقيق بين اللائحتين.

 

خلاصة: معركة زحلة البلدية تحوّلت من استحقاق بلدي إلى اختبار سياسي بين مشاريع متناقضة ورؤى متضاربة. حياد “التيار الوطني الحر”، ودعم “الكتائب” للائحة زغيب، وتمسّك “القوات” بمعركتها تحت عنوان السيادة والرفض للهيمنة، كلّها مؤشرات إلى أن زحلة تتّجه إلى معركة مفتوحة على كل الاحتمالات.