لا يجب أن نغمط الهمّ الثقافي الإغترابي حقّه في هذه البلاد ، لأن واجبنا الإعلامي ليس رصد الأحداث ومواكبة السياسة وحسب، بل مرافقة النشاطات الفنية والثقافية من باب ان الإعلام الإغترابي هو رسالة تفيض بما يبدعه المهاجرون.

قد تقولون، لماذا اليوم نخوض في موضوع الثقافة؟.

لقد ثبت أيها الأصدقاء أن الإعلام اللبناني والعربي في أستراليا هو الحارس الحقيقي لكل نتاج وإبداع ، وبغياب المؤسسات المختصة ، أخذت الصحافة على عاتقها قدر الإمكان أرشفة أعمال المبدعين اللبنانيين والعرب تلاقيها بعض وسائل التواصل الإجتماعي مشكورة.

فنحن نشهد حالة ثقافية تعوّض مرحلة الجفاف السياسي، فلا يكاد يمر أسبوع في سدني والمدن الأسترالية إلا ونشهد إصدار كتاب أو إقامة معرض للفن التشكيلي أو اختراعاً علمياً خاصة في الجامعات.

هذا الأسبوع مثلاُ شهدنا توقيع كتابين في سدني : الأول للكاتب العراقي الاسترالي د. مكي كشكول والثاني للكاتب اللبناني الأسترالي د. شيبان هيكل.

 

وبما أننا كإعلاميين لا نستطيع أن نحوط بنتاجات كل المبدعين، نلتمس منهم أن يرسلوا إلينا أسماء كتبهم وتواريخ توقيعها، أو أمكنة معارضهم أو امسياتهم بغرض أرشفتها ووضعها في السجل الذهبي للجالية.

وأخذت التلغراف على عاتقها منذ انطلاقتها  تسليط الضوء على كل ما له علاقة بالآداب والعلوم الإنسانية، وهي تحصي كل عام إصدار ما بين 15 و20 كتاباً تصدره الجالية باللغة العربية، هذا عدا الكتب التي تصدر باللغة الإنكليزية.

 

 

ولا بدّ هنا أن نشدّ على أيدي القيّمين على التجمعات والمنتديات والنوادي الثقافية الذين يوفّرون بتضحياتهم وسهرهم وتفانيهم وقوداً للحالة الثقافية. ولا ننسى هنا النوادي الرياضية التي تسجّل انتصارات على المستوى القومي الأسترالي ، كذلك الظاهرة الذي نمت بقوة في السنوات الأخيرة والمتمثلة بتكريم التلامذة المتفوقين في الشهادة الثانوية العليا والشهادات الجامعية.

إن الجالية اللبنانية والعربية تضمّ اعداداً كبيرة من الكتاب والشعراء والفنانين التشكيليين والموسيقيين والممثلين وغيرها من فنون، ما يستحق أن يُحصص له ملف خاص في المنأى الأسترالي.

أيها الأصدقاء ، إن الكم الكبير من مبدعينا في هذه القارة قد يصدمكم وينسيكم الرابطة القلمية والعصبة الأندلسية، ولو قّيد له مؤسسة خاصة تقوم على أرشفته سيُخرج الى الضوء مبدعين لم ينالوا حقّهم بعد.

نحن نفخر بالسير في هذا الحقل، ولكن يداً واحدة لا تصفّق. وما قام به كاتب هذه السطور في كتاب “وجوه مشرقة” أرسى لهذه الفكرة عبر 500 سيرة شحصية من الوجوه المشرقة، ويبقى أن يأتي من يكمل الطريق.

ختاماً ، الإغتراب له وجهان : الثروة المالية والثورة الفكرية والثقافية ، ومداميك الأحجار تقابلها مداميك الأفكار ، وليس أدل على ذلك من ثنائية كارلوس سليم وجبران خليل جبران وكثيرين غيرهما.

صحيح أننا أحفاد الفينيقيين التجار، نحن أيضاً أحفاد المعلّم قدموس؟!