أنطوان القزي

صحيح أن 15 ألف امرأة انطلقت في 8 أذار مارس سنة 1908 في مسيرة إحتجاجية في نيويورك للمطالبة بتقليل ساعات العمل وتحسين الأجور والحصول على حق التصويت في الإنتخابات.
وصحيح أن هذا اليوم بات حدثاً سنوياً.
والصحيح أيضاً أن بعض «الخناشير» في الشرق يسخرون من كلمة مساواة!.
هؤلاء يحتاجون الى من يتظاهر من أجلهم ويطلب مساواتهم بالبشر.
على مقاعد الدراسة، نشأنا على تاريخ نسائنا المُشرق، من بلقيس ملكة سبأ وزنوبيا ملكة تدمر وكليوباترا ونفرتيتي زوجة الفرعون، الى الخنساء ونازك الملائكة ومي زيادة واليوم الى زها حديد المهندسة العبقرية وأمل علم الدين رافعة راية حقوق الأنسان لكل الشعوب.
ورغم بصماتهن الدامغة لا يزال شرقنا يتغنّى بذكورية أطاحت بها أنجيلا ميركل التي فتحت أبوابها لأكثر من مليون عربي طردهم ذكور الشرق واقتلعوهم من بيوتهم في سوريا والعراق ولبنان واليمن وليبيا والسودان، إنهم ذكور الكوتا النسائية وذكور السفر الملتبس الى تايلند وماليزيا وأوكرانيا ورومانيا بعدما ضاقت بهم شواطئ ماربيا والكوت دازور.
هل تصدقون أن للمرأة يوماً لدى شعوب لا تزال تعتبرها أداة للإنجاب وكفى، وهل تدركون أن المرأة في الشرق تعيش على حلم الخمسينات والستينات الذي كان أفضل من اليوم، ومن لم يصدّق فليشاهد الأفلام المصرية في ذلك الزمن ويشاهد أفلام اليوم.
صحيح أن للمرأة يوماً بين المحيط والخليج، وأي يوم.
إنه يوم البحث عن الكوتا في لبنان ويوم التحرّش في مصر ويوم استعادة الحضور في شمال افريقيا ويوم اغتيال الصحافيات في العراق ويوم الزوجات الداعشيات في سوريا.
أنا أحترم المرأة أكثر وأقدّرها أكثر وأحبها أكثر لأنني عشت في زمن أنجيلا ميركل التي ظلّلت أوروبا بقوّتها وواجهت دونالد ترامب في عزّ صلفه واضطرت فلاديمير بوتين في كانون الثاني سنة 2016 أن يجلب كلبه الأسود الى الصالون أثناء لقائهما في سوتشي في روسيا ( الصورة) ليخيفها ويشتّت أفكارها.
وعندما أحتفلُ بيوم المرأة أتذكرُ مئات آلاف الأطفال من أبناء جلدتي الذين أوتهم واحتضنتهم وعلّمتهم تلك المرأة المرأة التي يليق بها العيد، فكانت أمّاً لمن ماتت أمه ومدرسة لمن شرّدته الحروب وبيتاً لمن تقطّعت به السبل.
وبعد تنحّيها في اليوم التالي توجّهت الى السوبرماركت في برلين وهي تدفع «الترولي» أمامها وصادف أن كان الى جانبها لاجئ سوري يتسوّق مثلها، فألقت عليه التحية واكملت التسوّق؟!..
إسمحوا لي وأن أنحني أمام المرأة في عيدها وأن أوجّه تحية مضاعفة الى المرأة في بلادي اللاهثة خلف تأمين اللقمة وحبة الدواء والقنديل والدفء لأطفالها، واسمحوا لي أن ألعن «عتاعيت» الشرق ؟!.