أغلقت أستراليا حدودها أمام المسافرين الدوليين في وقت مبكر من جائحة فيروس كورونا، ومنعت معظم المواطنين من المغادرة.
وبموجب القيود الحالية، يُسمح فقط لحاملي جوازات السفر الأسترالية، والمقيمين الدائمين، إضافةً للقادمين على حساب إعفاءات العمل أو الدراسة بالدخول. وتم تطبيق نظام الحجر الصحي الفندقي الذي تديره حكومات الولايات الأسترالية منذ مارس/ آذار 2020، ويُنظر إليه على نطاق واسع على أنه يلعب دوراً رئيسياً في احتواء أستراليا الناجح لفيروس كورونا.
وبشكل حاسم، يتم دعم نظام الحجر الصحي للفنادق في أستراليا أيضاً من خلال قيود مطبقة بصرامة على الوافدين الدوليين الأسبوعيين.
وأدت القيود المفروضة على الوصول، والتي تسمح حالياً لـ6،362 وافداً على المستوى الوطني أسبوعياً، إلى اختناق الأستراليين الذين تقطعت بهم السبل، وأجبروا على التنافس على عدد محدود من المقاعد.
ومن أجل جعل الرحلات الجوية مجدية تجارياً، تعطي شركات الطيران الأولوية لبيع تذاكر درجة رجال الأعمال والدرجة الأولى بسعر أعلى، وقد ورد أن بعض الركاب دفعوا ما يزيد عن 20،000 دولار أسترالي، أي حوالي 16،000 دولار أمريكي، للحصول على تذكرة درجة رجال الأعمال في اتجاه واحد للسفر إلى سيدني من مختلف المدن الأوروبية.
ولا يزال نحو 40 ألف أسترالي يحاولون العودة لديارهم، وفقاً لوزارة الشؤون الخارجية والتجارة.
حظ القرعة
وبغض النظر عما إذا كنت تسافر في الدرجة الأولى، أو في الدرجة الاقتصادية، فلا تلعب الأموال والظروف أي دور تقريباً في تحديد نوعية الفنادق لإقامة المسافرين. ويجب على كل شخص دفع مبلغ 3،000 دولار أسترالي، أي حوالي 2،330 دولاراً أمريكياً لكل غرفة، مع تكلفة إضافية قدرها 1،000 دولار أسترالي أي حوالي 775 دولارًا أمريكياًـ عن كل شخص إضافي، و500 دولار أسترالي حوالي 390 دولاراً أمريكياً عن كل طفل. وتدخل وجبات الطعام ضمن رسوم الحجر الصحي، حيث يتلقى الضيوف ثلاث وجبات يومياً حتى باب غرفهم بالفندق. وسواء انتهى بك الأمر داخل جناح فاخر مع وجبات شهية وإطلالات على المرفأ، أو داخل غرفة فندقية ضيقة بلا نوافذ مع طعام غير صالح للأكل، كل ذلك يعتمد على الحظ.
ويعد فندق شيراتون جراند هايد بارك سيدني بين الفنادق الأسترالية المخصصة للحجر الصحي، وهو فندق من فئة الخمس نجوم مريح للغاية ويوفر إطلالات على المدينة. ومع ذلك، مثل معظم الفنادق الحضرية، فإن هناك غرف رغم كونها فاخرة، لا يوجد بها نوافذ أو شرفة، مما يعني عدم الوصول إلى الهواء النقي لمدة 14 يوماً. وخلال الأشهر الأخيرة، حدثت انتهاكات في نظام الحجر الصحي الأسترالي في كل من سيدني، وملبورن، وبريسبان وأديلايد وبيرث، مما أدى إلى سلسلة من الإصابات بالعدوى بين موظفي الفندق، وعمال النظافة وحراس الأمن. وقد أثارت هذه المخاوف بشأن نقص التهوية داخل فنادق المدينة، والخطر المتزايد الذي يشكله من حيث انتقال الهباء الجوي.
وفي أوائل فبراير/ شباط الماضي، تواجدت حالتان لانتقال العدوى من ضيف إلى آخر في الفنادق، بعد أن أصيبت امرأة في ملبورن بالفيروس من عائلة تقع في غرفة عبر مدخل الفندق، وفي حادثة منفصلة، كشف فحص «كوفيد-19» عن نتيجة إيجابية لمسافر في سيدني بعد يومين من مغادرته الحجر الصحي، مما يشير إلى أنه من المحتمل أن يكون قد أصيب بالفيروس خلال الأيام الأخيرة من إقامته، بدلاً من كونها حالة عدوى متأخرة نادرة.
وبالنظر إلى هذه الفاشيات الأخيرة، ومدى قابلية انتقال السلالات الجديدة إلى البلاد، مثل الفيروس المتحور «B.1.1.7»، يعد الوصول إلى الهواء النقي أمراً مهماً خلال فترة الحجر الصحي.
ومن أجل الحصول على ترقية للغرفة مع إمكانية الوصول إلى الشرفة، فهناك حاجة إلى مبلغ 400 دولار أسترالي إضافي في الليلة، وفقاً لخدمات الضيوف في فندق شيراتون
ويعد فرض مبلغ إضافي للغرف ذات إمكانية الوصول إلى الهواء النقي بمثابة ممارسة شائعة بين الفنادق، كوسيلة لزيادة هوامش الربح.
وباستثناء قلة الهواء النقي، تعد التجربة الإجمالية في الحجر الصحي إيجابية نسبياً، مع موظفين لطفاء، وتوفر غرفة مريحة، إلا أن هناك مسافرين آخرين لم يحالفهم الحظ.
وعلى سبيل المثال، أنفقت أميليا سيتو 28،500 دولار أسترالي، أي حوالي 22،130 دولارًا أمريكياً على الحجر الصحي الإلزامي ورحلات الطيران لعائلتها المكونة من أربعة أفراد للوصول إلى منزلها في سيدني من المملكة المتحدة. وعلى الرغم من السفر مع طفلين صغيرين نشيطين للغاية، تقول إنها وزوجها وُضعا في غرفة صغيرة في فندق مانترا بسيدني، بدون نوافذ مفتوحة أو شرفة.
وقالت سيتو لـCNN إن «النظام معيب وغير عادل»، وأوضحت: «لقد وضعوا العائلات في غرف دون المستوى بينما تظل أفضل الغرف فارغة، وأخبرتني إدارة الفندق أن لديهم كل هذه الغرف الفارغة في الطوابق العليا ولكننا لم نتمكن من الانتقال إلى هناك لأن كل شخص يتم تخصيصه في طوابقه».
وحاولت سيتو تقديم شكوى إلى شرطة نيو ساوث ويلز المتمركزة في الفندق الذي تقيم فيه، من أجل السماح لعائلتها بالانتقال إلى غرفة بها هواء نقي، ولكن طلبها قوبل بالرفض، حسب ما قالته عبر الهاتف.
وعلى عكس سيتو، سافرت أناستازيا أوبيرت أيضاً إلى سيدني مع عائلة مكونة من أربعة أفراد في فبراير/ شباط الماضي، وقالت إن تجربتها كانت «إيجابية للغاية»، حيث حصلت عائلتها على شقة فندقية كبيرة تتضمن شرفتين في فندق «Meriton Suites Pitt Street».
وتتعلق أكثر شكاوى الحجر الصحي في الفنادق بين المسافرين الآخرين، الذين تحدثت معهم CNN، بنقص الهواء النقي، والتهوية المناسبة في الغرف، إضافةً إلى جودة الطعام الذي يتم تقديمه.
أما أنتوني، الذي طلب من CNN استخدام اسمه الأول فقط، فقد خضع للحجر الصحي في فندق «Novotel Sydney Central» في ديسمبر/ كانون الأول الماضي بعد سفره إلى أستراليا من نيويورك.
وقال أنتوني عبر البريد الإلكتروني إن غرفته في الفندق كانت متسخة بشكل واضح عند وصوله، وأن التهوية كانت سيئة للغاية لدرجة أنه كان يعاني من صعوبة في التنفس.
وطلب أنتوني نقله إلى غرفة بها نافذة أو شرفة بعد تعرضه لضيق في صدره بسبب نقص التهوية، وفي النهاية تمت الموافقة على طلبه، وفقاً لما قاله.
وبسبب انزعاجه من التجربة بشكل عام، كتب أنتوني إلى وزير الصحة الأسترالي، جريج هانت، وهيئة الرقابة في ولاية نيو ساوث ويلز المكلفة بمعالجة المشكلات في الوكالات الحكومية، لتقديم شكوى رسمية.
وأمضى البروفيسور جيسون مونتي، رئيس قسم الهندسة الميكانيكية بجامعة ملبورن، شهوراً في تحليل أنظمة تدفق الهواء عبر الأقسام الطبية في فيكتوريا، ويعتبر رائداً في دراسة كيفية تأثير التهوية السيئة على انتقال جزيئات «كوفيد -19».
وقال مونتي إنه بالنسبة لمكافحة العدوى، فإن التهوية في معظم فنادق المدينة سيئة للغاية، وأنه يجب على حكومات الولايات أن تبدأ الاستثمار في مرافق الحجر الصحي في الهواء الطلق.
وأوضح مونتي أنه غالباً ما يكون لدى الفنادق ما يسمى بالضغط الإيجابي في غرفها، مما يعني أن الهواء يحاول الخروج لأن نظام التهوية ضعيف.
وتابع: «عادةً ما يكون لهذا الهواء طريقتين للخروج: إما من خلال الباب أو من خلال النافذة، وإذا أغلقت النوافذ، فلن يكون هناك سوى مخرج واحد وهو من خلال الباب».
وأضاف أنها «فجوة في النظام كنا نضغط بشدة على الحكومة للاستجابة لها منذ شهري يونيو ويوليو 2020»، مشيراً إلى تفشي العدوى بين المجموعات الأخيرة في العديد من إعدادات الحجر الصحي في الفنادق.