بقلم بيار سمعان

يميل البعض الى استبعاد فكرة عودة رئيس الوزراء السابق طوني آبوت الى الحكم مجدداً، وتميل وسائل الاعلام المحلية الى تأييده هذه الفكرة السائدة. لكن ليس مستبعداً ان يوجه آبوت الطعنة القاتلة لتيرنبل الذي انقلب عليه وابعده عن الحكم.
فالاجواء السائدة الآن داخل حزب الاحرار هي اجواء المعركة التي ستنتج تبدلات جذرية في قيادة الإئتلاف. فرغم المزايا العديدة التي يتمتع بها رئيس الوزراء مالكولم تيرنبل غير ان آداءه السياسي اثبت فشله الذريع للقيام بمسؤولياته كرئيس للوزراء، بعد ان فشل في فرض اية هيمنة سياسية او فلسفية على حزبه وعجز عن خلق حالة من الانسجام السياسي داخل حكومته، بين المحافظين والمتحررين من جهة والاحرار والحزب الوطني من جهة اخرى.
وواجه تيرنبل انتقادات شديدة من المحافظين منذ دخوله السياسة سنة 2004 . وهذا صحيح رغم تمسكه بسياسة حماية الحدود التي ادرجها طوني آبوت ودعم برامج مكافحة الارهاب، وهذا ايضاً هو تدبير لـ آبوت، كما التزم تيرنبل بمعارضه مناقشة موضوع زواج المثليين في البرلمان، كما قررت حكومة آبوت السابقة.
ويدرك تيرنبل ان طرح اية آجندا سياسية تقدمية، انطلاقاً من مواضيع الطاقة المتجددة الى مسألة طالبي اللجوء غير الشرعيين والى طرح موضوع الجمهورية في استراليا هي قضايا شائكة ستسبّب له ازعاجاً مع المحافظين وخسارة تأييد الناخبين الاحرار والقضاء على ما تبقى من انسجام داخل حكومته.
الرأي السائد في وسائل الاعلام هو ان اليمين المحافظ يقف عقبة في وجه تيرنبل، خاصة بعد الآداء الرديء خلال الانتخابات الفيدرالية الاخيرة.
لكن الخطورة تكمن في استمرار خسارة الاحرار من شعبيتهم وقاعدتهم الانتخابية التقليدية. ومن الضروري ان يقدم الحزب على اتخاذ اجراءات تحول دون الذهاب نحو المزيد من الخسائر في القاعدة الشعبية، خاصة في اجواء عالمية تشهد تبدلات ادت الى ظهور قيادات سياسية يمينية مثل ترامب ولوبان وغاي والدرز، اذ بدا ان الميول الشعبية اصبحت تتحكّم في آخر المطاف باختيار القيادات التي تريد والتي تعكس تطلعاتها وقلقها المتنامي من الاوضاع الرديئة التي يشهدها العالم بأسره.
هذا الواقع العالمي يرفع من اسهم طوني آبوت، الزعيم الاحراري الوحيد القادر على ملء الفراغ الذي يعاني منه حزب الاحرار عامة ومجموعة اليمين في الحزب. ويبدو ان آبوت قد طرح مسبقاً برنامجه السياسي عندما اقترح وجوب اجراء اصلاحات تتناول قضايا اساسية مثل خفض الهجرة بغية تحسين سوق العقارات وجعلها في متناول المواطنين، وإلغاء مفوضية حقوق الانسان لوقف الاستغلال السياسي والبلطجة ضد الحكومة، ووقف تمويل برنامج الطاقة المتجددة في محاولة لخفض ثمن فاتورة الكهرباء.
ورغم ادعاءات حزب العمال، فإن طوني آبوت هو الزعيم الوحيد الذي يخشى بيل شورتن عودته الى الحكم لما يتمتع به من قدرة نادرة من المزايا وعدم التردّد في اتخاذ مواقف مليئة بالمخاطر ومواقفه الثابتة من الطبقة الوسطى وغيرها من المزايا. وقد تمكّن آبوت خلال حكمه من ادراج قوانين متقدمة في حماية الحدود ومكافحة الارهاب تسعى الآن دول اوروبية إلى تقليدها.
آبوت الذي طعن من قبل المقربين اليه في سنة 2015 لم يغادر السفينة، بل التزم بمواقفه ودوره الرائد في حزب الاحرار وغيرته المعلنة عن وحدة ومصلحة الإئتلاف. وبدا من خلال ذلك انه رجل عصامي متماسك يدرك ما يريد ولا يتردد في طرح آرائه.
ويجب ان نتذكر ايضاً ان القادة الذين يسقطون في اختبارات سابقة غالباً ما يتعلمون دروساً قاسية منها ويكسبون بالتالي المزيد من التعاطف الشعبي والدعم من المواطنين. وليس مستبعداً ان يتمكن آبوت في حال عودته الى الحكم من استقطاب الاصوات المتأرجحة في بعض المناطق الانتخابية.
قد يستخف البعض بهذه الفرضية، لكن علينا ان نتذكر ان نفس الطاقم السياسي راهن في سنة 2009 على عدم امكانية وصول آبوت الى الحكم. باعتقادي آبوت عائد قريباً وبقوة.