زهير السباعي

لا يخفى على أحد بأن أهم المستفيدين من انتصار الثورة السورية هم اشقاؤنا في دول الخليج العربي والدول المجاورة لسورية حتى استراليا التي تبعد أكثر ١٥ الف كيلومتر وتقع في آخر الكرة الأرضية لم تنجُ من ظلم وجور النظام البائد وتنفست الصعداء بعد أن أغرق أسواقها بالمحرمات في ٨ كانون الأول ٢٠٢٤ انتصرت الثورة السورية بعد صراع  مع النظام البائد دام ١٤ عاما، وبعد دمار للمدن والقرى والأرياف والبنية التحتية لسورية وتهجير وتشريد ونزوح لأكثر من نصف الشعب السوري وتغييب مئات الآلاف في غياهب السجون الأسدية واستشهاد أكثر من مليون مواطن سوري، لم تشهده سورية طوال قرون كثيرة من تاريخها المليء بالانقلابات العسكرية، استقبل السوريون الثوار المنتصرين بالأناشيد الوطنية رافعين أعلام الثورة واثقين بأن كرامتهم وحريتهم وأرواحهم ردت إليهم بعد أكثر من نصف قرن من حكم الأب والإبن، التحرير والنصر جاء على أيدي أبنائهم الذين تم تهجيرهم إلى المخيمات في الشمال السوري، بعد أن عانى الجميع من الحاجة والعوز والجوع والمرض

في نهاية المطاف انتصرت الثورة السورية وبدأ السوريون بالعودة إلى وطنهم الذي احتلته ميليشيات وجنود دول استعمارية خبيثة وشريرة لبناء الحزام الفارسي الصفوي الذي تلاشى وذهب أدراج الرياح

إن انتصار الثورة السورية ليس خبراً عادي فثورات الربيع العربي انتصرت

في مصر تونس ليبيا واليمن فكانت نتائجها عكس ما كان مواطني هذه البلدان يتمنوه وينتظروه، القيادة الجديدة في سورية ما زالت تحتفل وتعيش عصرها الذهبي ويشاركهم الفرح والبهجة والسرور الملايين من الشرفاء والاحرار في شتى أنحاء العالم وخصوصاَ أشقاؤنا في دول الخليج العربي، بعد فرض العقوبات الامريكية والاوروبية على النظام السوري البائد وخسارته للمليارات تفتق العقل الشيطاني لماهر الاسد الذي يتراس الفرقة الرابعة المعروفة بإجرامها مطلقاً يدها في بناء مصانع الكبتاغون وتهريبها الى دول الخليج العربي وإغراق الشباب بهذه المادة اللعينة محققاً من تجارتها مليارات الدولارات وشكل مخدر الكبتاغون  كابوساً كبيراً لمنطقة الخليج بسبب الكميات الهائلة والمخيفة التي كانت تصل إلى أراضيها، لجوء الاسد إلى إنتاج الكبتاغون وتصديره كان الهدف منه تغطية العجز المالي نتيجة العقوبات الدولية وتمويل مليشياته لقمع السوريين خلال السنوات الاربع عشرة الماضية واضطرت دول الخليج  لحظر واردات البضائع من سورية ولبنان لا سيما الخضراوات والفواكه بهدف حماية شبابها من هذه المادة القاتلة التي فتكت بالمجتمع الخليجي وقد أظهرت مقاطع فيديو نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي صناديق مليئة بمادة الكبتاغون في مستودع مقر عسكري يقع بالقرب من العاصمة السورية دمشق كان ماهر الأسد يديره وهناك مصانع ومختبرات لصناعة الكبتاغون تم العثور عليها في محافظات سورية أخرى. وعقب إصدار الولايات المتحدة قانون مكافحة كبتاغون الأسد عام ٢٠٢٣ فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على ٦ أشخاص بينهم اثنان من أبناء أعمام الأسد على خلفية لعبهم دوراً في إنتاج هذا المخدر وتصديره. النظام البائد كان يقوم بتجارة الكبتاغون بالتواطؤ مع مليشيات وشبكة من تجار المخدرات لاستخدامها كورقة ضغط سياسية وابتزاز في تعامله مع الدول العربية والخليجية تحديداً المتضررة من هذه السموم والتي بدأت فعلاً بالتطبيع وإعادة العلاقات الدبلوماسية معه ودعوته للقمة العربية الأخيرة ناسين أو متناسين المثل الشعبي القائل الباب يلي بيجيك منو الريح سدّو واستريح. نعم شكلت هذه القضية قلقا كبيراً لدول الخليج وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، بسبب الضرر الذي أصابها من هذه المادة الخبيثة والتي كان مصدرها معروفاً، دول الخليج وقفت عاجزة في  مكافحة الكميات الهائلة التي كانت تصل إلى أراضيهم فلجأت إلى إحتواء النظام البائد إلا أن الأخير تنصل من الوعود التي قدمها لهم ولم يفي بها كعادته، تعهد لهم بتقديم قوائم مفصلة بالمنتجين والمصدرين للمخدرات ولطرق التهريب لكنه نكص بذلك اشترى منهم ولم يبيع وفي السنوات الأخيرة أصبحت سورية البلد االرئيسي في صناعة وتجارة المخدرات إلى الأردن والسعودية والإمارت وقطر وكذلك مصر والعراق والكويت وتم استعمال المسيرات وغيرها من التكنولوجيا في تهريبها

لاشك بأن دول الخليج العربي تضررت كثيراً من نظام الأب والإبن من خلال الضغط الأمني والعسكري والشعارات الكاذبة التي كان يطلقها كتحرير القدس وفلسطين والصمود والتصدي في وجه إسرائيل والولايات المتحدة والتي كان هدفها الاستهلاك المحلي والاقليمي لتخدير الشعوب العربية

أخيراً وبعد انتصار الثورة السورية يقع على عاتق دول الخليج العربي مسؤولية أخلاقية وإنسانية تجاه الشعب السوري وادارته الجديدة بقيادة السيد أحمد الشرع، نتمنى من دول الخليج وبشكل خاص قطر الكويت و السعودية  أن يقفوا مع الشعب السوري في هذه المرحلة الحرجة والخطيرة لتثبيت الاستقرار والحفاظ على الأمن والسلم الأهلي عبر المساهمة بشكل قوي في إعادة الإعمار وبمساندة السوريين في التعافي بشكل سريع من آثار الحرب والدمار وبناء مؤسسات الدولة بجميع قطاعاتها، نحن بحاجة لمساعدة الأشقاء في إعادة الإعمار ونحن على يقين تام بأنهم لم يبخلو علينا في تقديم الدعم اللازم