
د. كنده سمارة – ملبورن
المعتقدات والقصص التي نتوارثها عن أهلنا وأجدادنا تعمل وكأنها “نظارة” نرتديها طوال حياتنا، فنرى من خلالها ما يتناسب مع أفكارنا، ونتجاهل كل ما يخالفها أو يعارض واقعنا. والخوف من التغيير يلعب دورا رئيسيا في هذا السياق، فيجعلنا نتمسك بما نعرفه ونألفه، حتى لو كان هذا التمسك سببا لمعاناتنا.
فيتشكل شيء اسمه اللاوعي الجمعي وهو مجموعة الأفكار والمعتقدات الموروثة التي تنتقل من جيل إلى جيل، وتُعامل كأنها حقائق مطلقة أو أمور طبيعية لا تقبل النقاش. مع مرور الوقت، تتحول هذه المعتقدات إلى خريطة ذهنية راسخة في عقولنا، تُقيّد تفكيرنا وتمنعنا من استكشاف وجهات نظر جديدة أو مختلفة، وهذه الخريطة الذهنية تشكّل عائقا حقيقيا أمام التفكير الحر والإبداع، لأنها تفرض علينا منظورا محددا للعالم يصعب تغييره أو الخروج منه.
السؤال هل ممكن التحرر من اللاوعي الجمعي؟
نعم ممكن، لكنه يحتاج شجاعة ومواجهة مع الذات. البداية تكون بطرح أسئلة صريحة: السبب في تمسكنا بهذه الأفكار؟ هل هي صحيحة أم أنها فقط جزء من عاداتنا الموروثة؟
هذه التساؤلات تساعد على توسيع آفاقنا والانفتاح على تجارب وأفكار جديدة. والتحرر من الأفكار القديمة يعني أيضا مواجهة الخوف من أن تكون مختلفا عن الآخرين، وعدم القلق من أن تُعتبر غريبا أو خارجا عن المألوف.
بالتعلم المستمر والانفتاح على العالم، نكتسب مرونة في التفكير، مما يسمح لنا بمراجعة قناعاتنا ونصبح أكثر تفهما للعالم ولمن حولنا