بقلم: أ.د / عماد وليد شبلاق
رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي القيمية بأستراليا ونيوزيلندا
ونائب رئيس المنتدى الثقافي العربي الأسترالي
Edshublaq5@gmail.com
حقيقة لا أدري ماذا أصابني في هذه الأيام، أهي حالة نفسية، أم كبر السن، أم ضغوط الحياة، أم الهاتف الجوال – الموبايل – وما فيه من معلومات هائلة جدا لا تنتهي إضافة الى تتبع الأحداث والرسائل والمجموعات وأخبار ومصائب العالم أم ماذا؟
بكل صراحه (وأدب جم) أصبح لدي إحراج كبير من الزملاء الكتاب والأدباء والمفكرين لتكدس (ما عندي) ولأكثر من 30 كتاب ما بين القصة والرواية والفكر والأدب والعلوم الإنسانية والعلوم الهندسية والطبيعية والسياسية وسواء كانت مهداه أو مشتراه فلقد حاولت جهدي وما زلت لتصفح بعضها (وحسب الأولويات) ولكنها في زيادة مستمرة فجهود الأخوة والأخوات الأفاضل في سدني لا تتوقف (يعطيهم العافية) وعطاءهم لا ينضب وقد أحتاج للمشورة والنصيحة من البعض فلا أريد أن أتهم بتجاهلي للنهر الغزير من الثقافة والمعلومات المشتركة الجميلة التي يقدمها الزملاء وفي كل المجالات.
بالأمس كنت مع أحد الأصدقاء والذي يقاربني سنا وشكوت له من هذه الظاهرة والتي ربما تخصني أنا وحدي وأفاجئ به في حالة يبدوا أنها أكثر صعوبة من حالتي وهي أنه فقد الاستمتاع والجلد لقراءة أكثر من صفحة أو صفحتين من أي كتاب أو تقرير إذ يشعر بعدها بالملل والتعب على حد قوله وأصبح يعتمد على المرئيات والمحكيات من اليو- تيوب ومقاطع الجوال وبرامج التلفاز الوثائقية (الملخصة) ولم يعد يذهب لحفلات التوقيع بعد اعترافه بعدم قدرته على مواكبة ذلك وحقيقة الأمر أن الجميع متفق على تسارع التقنيات في استبدال الوريقات بالمعلومات الإلكترونية ووسائل الديجتال والتي بدأت تطيح بكل ما هو قديم وسائد في الأزمنة السابقة بدءاً من الصحف والمجلات والنشرات اليومية وحتى الملخصات التنفيذية لكبار الرؤساء اليوم وخصوصا بعد انتشار الذكاء الاصطناعي وغيره.
للأسف إن صناعة الكتب والتأليف لم تعد كالسابق وهناك الكثير من المطابع ودور النشر قد أعلنت افلاسها سواء هنا أو في دول العالم الآخر نتيجة عدم الاقبال (وخصوصا من الشباب والذين أدمنوا على مصاحبة اللاب توب والآي باد وغيرها من وسائل المعلوماتية الحديثة) على قراءة الكتب والمجلات إذ تم الاستغناء عنها والتحول للتقنيات الحديثة وسبحان مغير الأحوال فبعد أن كنا نعشق الكتب ( بكل أطيافها وألوانها ومحتوياتها ) ونشربها شربا من الجلدة الى الجلدة كما يقال في العامية قديما أصبحت اليوم تشكي حالها الى الله فإما أن تُباع بسعر بخس أو تُهدى بالمجان أو لترقد بسلام في مكانها الأخير في ( التدوير – (R ) مع العلم أن معظم الباحثين والكتاب قد أفنوا الكثير من الوقت والجهد والمال لإظهار أعمالهم بالشكل الراقي والمتميز، والحقيقة المرة وبالرغم من التحول الرقمي لصناعة الكتب والمؤلفات مازلنا نشاهد الفرق الشاسع بين ممارسات العرب الأستراليين ونظرائهم الأجانب فنادرا ما تجد متقاعداً عربياً يقرأ كتاباً في وسائل المواصلات أو في الحدائق العامة (يستثنى من ذلك فئة المفكرين والباحثين ) كما يفعل الآخرون ومازالوا.
ربما احتاج الموضوع لنقاش مطول في أوساط الجالية العربية المثقفة في سدني بعد التأكد من كونها أصبحت ظاهرة ملفتة للنظر مع إبداء الشجاعة في ترك المجاملات ومواجهة الحقيقة المحزنة حقا والله المستعان.