بقلم بيار سمعان

يعمل الممثل والمخرج السينمائي الاسترالي ميل غيبسون على انتاج فيلم جديد يتناول فيه «الايام الثلاثة بين موت السيد المسيح وقيامته». وكان غيبسون قد أثار ضجة وجدلاً عندما انتج فيلماً حول «آلام السيد المسيح».
لا يجهل كثيرون ان ميل غيبسون اعتمد في أدق التفاصيل في فيلمه الاول على ما ورد في كتاب «حياة السيد المسيح» وهو مجموعة كتب نقلت معاينات الأخت آن كاترين إيميريتش (1774 – 1824). وهي راهبة بسيطة وشبه أميّة كانت تخطف بالروح وتنتقل لتعاين جميع الاحداث منذ التكوين الى ما بعد انتقال السيدة العذراء الى السماء. كما لديها مشاهدات وتنبؤات حول مستقبل الكنيسة والبشرية.
فماذا تذكر الراهبة آن كاترين إيميرتش عن الايام الثلاثة التي تفصل بين  الموت على الصليب والقيامة ؟ اليكم التفاصيل كما وردت في كتاب «حياة السيد المسيح – الجزء الرابع – الفصل 66 : كلمات حول نزول المسيح الى الجحيم.
«عندما اطلق يسوع صرخة واسلم روحه المقدسة، رأيته بصورة مضيئة يحيط به الملائكة، ومن بينهم الملاك جبرائيل، يدخلون جوف الارض عند قاعدة الصليب المقدس. وشاهدت ألوهية المسيح تتحد مع نفسه، وتبقى في الوقت عينه متحدة مع جسده المعلّق على الصليب. لا يمكني ان اشرح كيف حصل ذلك.
ورأيت المكان الذي توجه اليه يسوع يقسم الى ثلاثة اجزاء وكأنه ثلاثة عوالم واعتقد انها مستديرة. وكان كل قسم منها مكان مستقل عن الآخر بجسم كروي يفصله عن سواه.
وامام هذا المكان شاهدت حقلاً مليئاً بالاخضرار ومضاءً ، وعلمت ان الارواح المطهرية تعبر في هذا المرج بعد ان تنتهي مدة عقوبتها في المطهر لتنطلق نحو السماء (الجنة) برفقة ملائكة.
وعبر المسيح بين هذه العوالم الثلاثة برفقة الملائكة وكان يتقدم كالقائد المنتصر، وكان يحتوي المكان الاول على الجهة اليسرى، ارواح قادة الشعب المختار حتى ابراهيم. والثاني من جهة اليمين تضمن الارواح من ابراهيم حتى يوحنا المعمدان. ومرّ يسوع بين هذين العالمين المنفصلين متجهاً الى دائرة ثالثة شاحبة الاضاءة يقيم في داخلها ابوانا، آدم وحواء. خاطبهما يسوع وعلما من هو فسجدا له يمجدانه وهما في حالة من الانخطاف الشديد.
ورأيت آدم وحواء يرافقان يسوع والملائكة. واتجه الجميع الى المكان القائم على الجهة اليسرى حيث يوجد قادة الشعب المختار قبل ابراهيم. كان هذا الموضع بمثابة مطهر اذ رأيت في داخله ارواحاً شريرة كانت تقلق ارواح الاباء. قرع الملائكة ابواب المكان طالبين الدخول اليه لأنه كان يتوجب على الداخل ان يعلن عن دخوله. وسمعت الملائكة يقولون: افتحوا الابواب! افتحوا الابواب. ودخل يسوع المنتصر فتراجعت الارواح الشريرة وهي تصرخ: «ما لك بنا؟ ماذا تريد هنا؟ هل ترغب ان تقوم بصلبنا..؟
الأنفس المطهرية في هذا الموقع كان لديها معرفة ضئيلة عن يسوع الذي كشف لهم عن حقيقة هويته. فبدأوا يهللون له ويمجدون بالصلوات والدعاءات، ثم انتقل يسوع والمجموعة المرافقة له الى الدائرة الثالثة. وكان فيها اللص اليمين، فيما رافقت الشياطن اللص الشرير (اليسار) الى جهنم. ورأيت المسيح يوجه كلاماً الى اللصين والى الارواح الشريرة التي اقتديت من الدائرة الاولى.
ورأيت الشياطين مكبلة، وترفض الدخول لكن الملائكة ارغمتها على ذلك. في الدائرة الثانية القائمة الى الجهة اليسرى كان يوجد في داخلها الاسرائيليون، القديسون، الآباء وموسى، والقضاة والملوك، والى الجهة اليمنى الانبياء، واجداد يسوع واقاربه، حتى يواكيم وحنه ويوسف وزكريا واليصابات ويوحنا المعمدان.. في هذا المكان، لم ار ارواحاً شريرة ولا ألماً او وجعاً او اعمال تعذيب. لكنني احسست ان الجميع كانوا يتشوقون لاتمام العهد الذي تحقق الآن.
وشاهدت ارواح هؤلاء في حالة من الغبطة والانخطاف الروحي ومشاعر الفرح تغمرهم.. سجد الجميع يمجدون ويعبدون الرب المنتصر .
وارغمت الارواح الشريرة على الاعتراف بفشلها.
وارسل العديد من أرواح الآباء لتعود وتلبس اجسادها المائتة والموضوعة في القبور. (ويذكر الانجيليون ان سكان اورشليم شاهدوا الموتى يطوفون سماء المدينة وتسببوا بحالة من الهلع…).
وتذكر الراهبة إيميريتش ان يسوع اراد من ذلك ان يشهد هؤلاء للرب، وهو اله القيامة. وتصفهم الراهبة كالاموات التي تسير بعد ان اعيدت اليهم الحياة.
ورأيت بعدئذ يسوع والوفد المرافق له يدخلون مكاناً آخر هو ادنى من الاول. وعلمت ان في داخله ارواح الوثنيين الاتقياء الذين امتلكوا خلال حياتهم بعض الحقيقة والتزموا بها. وشاهدت ارواحاً شريرة وشياطين في هذا المكان، كما رأيت اصناماً. وارغم هؤلاء على الاقرار بالممارسات الضالة التي التزموا بها وبالمعتقدات الخاطئة لديهم.
وكانت ارواح القديسين المرافقة تقدم التمجيد للرب يسوع المخلص.. هنا ايضا ً في هذا الموقع قام الملائكة بتكبيل الشياطين ثم اقتادوهم امامهم. وهكذا كان يسوع يدخل تلك الاماكن ويحرّر الارواح فيها، فيما يقوم الملائكة بتكبيل الشياطين في داخلها. وقام يسوع بأمور عديدة اخرى، لكن لم اعد اتذكر كل التفاصيل بسبب ضعفي البشري.
ثم رأيت يسوع يقترب بحزم وخطورة من وسط الهاوية، اي جهنم نفسها. وبدت لي كمكان متسع ومرعب مبني من صخور ومعادن سوداء ولديها ابواب سوداء ايضاً كسائر البناء. واحسست عند رؤية هذا المكان بمشاعر الذعر. وكنت اسمع اصوات النحيب والعويل. وعندما فتحت الابواب على مصراعيها عاينت عالماً يسوده الرعب والكآبة.
وتشرح الراهبة إيميريتش قائلة: اعتدت ان ارى اورشليم السماوية كمدينة تحيط بها الجنائن المثمرة التي تعبق برائحة القداسة والتمجيد والتي يتفاوت جمالها وقداستها حسب مستوى وقداسة الارواح الطاهرة التي تقيم فيها.
على العكس من ذلك كان الجحيم بمثابة مملكة مترابطة يسود فيها الفوضى والمعلومات الخاطئة والغضب الأبدي وفقدان الأمل. في الجنة عاينت جمالاً لا يوصف وشفافية مشعة واماكن يغمرها الفرح الدائم.. اما في الجحيم فشاهدت سجوناً كئيبة للتعديب واللعنة وفقدان الأمل.
في الجنة كانت الاشجار تعطي ثماراً مقدسة اما في الجحيم فكان قفراً مليئاً بالكراهية والاشمئزاز والرعب كهوف التعذيب والتجديف. قفر مرعب ومستنقعات الألم والعذاب تعكس مشاعر الكراهية.. رأيت هنا (في جهنم) هياكل ومذابح وقصوراً وعروشاً وحدائق وبحيرات وسواقٍ مكونة من التجديف على اسم الله، والكراهية والقساوة وفقدان الأمل والضيعان والألم والعذابات التي لا حدّ لها. فيما كل شيء في الجنة هو مبني على النعم والحب والتناغم والفرح والسعادة التي لا حد لها.
هنا (في جهنم) تنافر ابدي بين الارواح الملعونة، فيما تنعم الجنة بروح القداسة والبركة لدى القديسين.
وتذكر الأخت آن كاترين إيميريتش اوصافاً لجهنم يقشعر لها الابدان. ثم تقول: عندما فتحت ابواب الجحيم من قبل الملائكة، رأيت يسوع يقول كلمات الى روح يهوذا. وارغمت الملائكة الارواح الشريرة ان تستعرض ذاتها امام يسوع وان تعترف بالوهيته وتعبده. وسببت هذه التدابير آلاماً لا تقدّر للارواح الشريرة. وجرى تكبيل هذه الارواح بشكل دائري، والقيت جميعها في جهنم.
كما جرى تكبيل الشيطان (لوسيفار) ورميه في الهوة، فتصاعد بخار اسود منها تم ذلك كله بقرار الهي.
وسمعت في داخلي صوتاً يقول لي ان لوسيفار سوف يحرّر مرة اخرى قبل 60 سنة من عام 2000. كما سيطلق ايضاً في ايامها. واوضحت انها لم تعد تتذكر تواريخ اطلاق سراحه من جهنم وهي مرات عديدة. (ولنتذكر هنا التواريخ المرتبطة باطلاق الشيطان من الهوة عند الثورة الفرنسية والثورة الشيوعية الملحدة والحروب العالمية، وعند اقرار وسائل منع الحمل والاجهاض والموجات الفكرية المادية الملحدة التي عمّت العالم الغربي بأسره وادت الى ابتعاد الناس عن الله والكنيسة والإيمان).
وتتابع الراهبة إيميرتش قائلة: ورأيت عدداً ضخماً من النفوس التي افتداها المسيح وحررها تغادر اماكن تطهيرها وتخرج من «الينبس» برفقة روح الرب الى مكان النعيم القائم تحت اورشليم السماوية. ولفتت انها شاهدت ايضاً ارواح اصدقاء لها يتجهون الى نفس المكان. كما رأت روح لص اليمين الذي ندم على اخطائه وطلب الى المسيح ان يذكره عندما يأتي في ملكوته. ووعده الله بذلك.
ورأت الراهبة يسوع في اماكن عديدة، حتى داخل مياه البحار. وبدا وكأنه يبارك كل شيء على الارض وكل مخلوقاتها. وكانت روح الشرير تهرب من أمامه الى الهاوية. ورأيت المسيح في قبر ادم وحواء. معاً انطلقوا لزيارة قبور الآباء والانبياء. وكانت ارواحهم تدخل اجسادهم مجدداً فيما قام المسيح بشرح اسرار عديدة لهم. ثم رأيته مع جموع الملائكة بصحبة داوود يعاود زيارة اماكن ومشاهد من حياته على الارض ومن آلامه وصلبه ، شارحاً هذه المعاينات على انها اتمام للوعود الالهية بالخلاص.
هذه بعض الامور التي اتذكرها حول نزول المسيح الى جهنم بعد موته، حيث اطلق ارواح الاباء الصالحين من العصور السابقة وحررهم. لكن الى جانب هذا، رأيت ايضاً اموراً تتعلق بالأبدية حيث يبدي المسيح رحمته تجاه الارواح الفقيرة والضعيفة في عالمنا هذا.
وعلمت انه في نهار «الجمعة العظيمة» من كل سنة يبعث يسوع رحمته الى المطهر ويحرّر نفوساً عديدة. كذلك يفعل ذلك ليل سبت وأحد القيامة.
وشرحت إيميريتش ان نزول المسيح الىالينبس والجحيم هو تأكيد للوعود الالهية ومؤشر آخر لتحرير النفوس المطهرية في ايامنا هذه. وان رؤية جهنم كانت بالنسبة لي من الماضي، اما تحرير النفوس المطهرية فهو حقيقة سرمدية
ان نزول المسيح الى جهنم كان تصميم لشجرة النعيم ، شجرة استحقاقاته المقدسة من اجل الانفس الضعيفة. وان خلاص النفوس المطهرية اليوم هو نتاج شجرة النعم في الحقل الروحي للسنة الكنسية الطقسية. ويتوجب على الكنيسة المحاربة ان ترعى هذه الشجرة وتجمع ثمارها التي من خلالها يمكن السماح للكنيسة المتألمة ان تشارك، لأنها غير قادرة على تحقيق ذلك وحدها. معاَ ننعم باستحقاقات المسيح. فعلينا ان نحرث معه لنتشارك معاً هذه النعم.
كل ما حققه المسيح من اجلنا هو انه منحنا ثمرة الحياة التي بدونها لن نتمكن من الاستمتاع بالابدية.
فالكنيسة هي الأم الحكيمة والمجاهدة، والسنة الكنسية هي الحقل والثمار للأبدية.. وفي يوم الدينونة سيطالب رب الحديقة حساباً لمن إئتمنوا على هذا الحقل، وحتى عن اصغر عشبة تنبت فيه.
هذا قليل مما ذكرته الراهبة آن كاترين إيميريتش لمعايناتها للايام الثلاثة التي قضاها يسوع بعد موته على الصليب.
وبالمناسبة تذكر ان جمجمة آدم لا تزال موجودة حيث اقيم صليب يسوع وسيتمكن علماء الاثار من اكتشافها مستقبلاً.
فموت آدم جلب لنا الموت الروحي، اما موت يسوع المسيح فمنح الخلاص والحياة لمن يسعى اليه.