كندة سمارة- ملبورن

ثقافة الحوار ضرورة حضارية في عالم تشابكت فيه المصالح وتزايدت احتياجات البشر بعضهم لبعض…. في عصر امتلك الغرب فيه التكنولوجيا والقدرات والمعارف. فالحوار سيفتح لنا حقيقة طالما غابت في سياق خطابنا الإنشائي الغاضب الذي يرسم الآخر في جاهلية في حين أننا وحدنا من يحمل مشاعل النور والمعرفة.
علينا أن نكون مستعدين للحوار مع الآخر المختلف عنا في العقائد، مسلمين ونصارى، ملحدين وعلمانيين، محاورين وباحثين عن المعرفة … فالموقف المعادي سيتسبب بهدم جسور التواصل فيما بيننا … وسنكون وحدنا الخاسرين. لكننا فيما يبدو لسنا مستعدين حتى للحوار الداخلي فيما بيننا، وكل طرف يدعي أنّ لديه الحقيقة كاملة والاجابات كلها، ولا زلنا ننظر للمختلف عنا فكرياً بوصفه إما عميل مأجور أو ضال زنديق ……. حتى أن الذين كتبوا واستعملوا هذه الأوصاف بحق المخالفين هم وفي كثير من الأحيان كانوا من الذين يختلفون معهم في فروع من المذهب فقط!! ويكفي للتأكد من ذلك أن تطوف في جولة سريعة على الشبكة العنكبوتية لتجد أن العديد من الرموز التي تحترم من علماء ومفكرين صوفيين وسلفيين، سنة وشيعة، وغيرهم العديد من الذين وضعهم خصومهم في دائرة عملاء مأجورين أو المبتدعين الملحدين والزنادقة.
ثقافة الحوار تقوم على أساس التكامل والمشترك الإنساني، وتحديداً مع الآخر المختلف وليس على منطق سحق المختلف وإلغائه… حوار مبني بالانفتاح على الآخر لفهم وجهة نظره ثم التفاهم معه، حوار يعلو فيه صوت العقل، فنؤثر ونتأثر، نعلّم ونتعلّم، ونتبادل المنفعة والعلم. حوار يقاس نجاحه بعدد الجسور التي نصبناها بيننا وبين الأخر المشترك معنا بالإنسانية، وعدد جدران الكراهية التي تمّ هدمها بوسائل الوعي والمعرفة، وهي ما دعا إليه نيوتن بقوله: إن الإنسان بنى كثيراً من الجدران وقليلاً من الجسور.