أنطوان القزي
فراس حمدان الذي اخترق لائحة الثنائي الشيعي في «الجنوب الثالثة» يحمل رصاصة في قلبه، فهو انخرط بالعمل السياسي باكراً، وتابع الأحداث والقضايا التي عصفت بلبنان، وشارك في لقاءات دعم حركات الربيع العربي، وحملات إسقاط النظام الطائفي عام ٢٠١١، والمطالبة بقانون مدني موحد للأحوال الشخصية، إضافةً لعدد من القضايا المعيشية مثل رفع الحد الأدنى للأجور.
وخلال انتفاضة 17 تشرين، تعرّض فراس إلى بطش أمني وعنف مارسته السلطة السياسية – عبر أجهزتها الأمنية – تجاه المتظاهرين. لذلك، انخرط بالعمل مع لجنة «المحامين للدفاع عن المتظاهرين». حينها، كان يقضي فراس أغلب وقته مع زملائه المحامين في المخافر لإخلاء سبيل الموقوفين وتوثيق الانتهاكات.
ومع حلول انتخابات نقابة المحامين بعد الانتفاضة، خاض فراس المعركة بوجه السلطة منتقلاً من الساحات إلى النقابات المهنية. هنا، عمل فراس مع مجموعة من محامي 17 تشرين إلى جانب النقيب السابق ملحم خلف من أجل استعادة النقابة من أحزاب السلطة. وشارك في أنشطة نقابية أبرزها ملف السجون. وقد كرّمت النقابة فراس على خدماته، وسلّمه النقيب خلف درعاً تقديرياً.
كان ثمن النضال رصاصة في قلب فراس. وشكّل تاريخ 8 آب 2020 يوماً مفصليّاً في حياة فراس الذي اخترقت قلبه رصاصة لا تزال شظاياها تسكنه. أصيب فراس، عندما كان يصوّر الأحداث، برصاصة لم يتمكن الجراحون من إزالتها، ونُقل إلى المستشفى فاقداً الوعي وأُجريت له جراحة القلب المفتوح، لكن الأطباء لم يتمكنوا من استخراج الحبيبات، في عملية تركت ندبة طويلة في صدره.
بقيت الشظية في قلبه مدى الحياة، وتأكّد أنّ معركته مع هذا النظام باتت أبدية. وبينما جمعت ساحات 17 تشرين لبنانيين من مختلف الطوائف والمناطق سعوا للتغيير. وشكّلت هذه الظروف فرصة لدى فراس للترشّح للانتخابات عن المقعد الدرزي في دائرة الجنوب الثالثة وفي حاصبيا – مرجعيون، بهدف التغيير وإحراز الفرق. وفعلاً فعلها فراس، وسجّل خرقاً في دائرة لم يخرقها مرشح منذ 30 عامتً. وكان فوزه بهذا المقعد أول خطوة من خطوات التغيير الذي سعى إليه.
في هذا الوقت، ومساء الأحد، استبق رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب المنتخب محمّد رعد بدء ولاية مجلس النواب الجديد وتوجّه الى النواب الجدد قائلاً:
نقبلكم خصوماً في المجلس النيابي، ولكن لن نقبلكم دروعاً للاسرائيلي وما وراء الإسرائيلي، مؤكداً: لا تكونوا وقوداً لحرب أهلية.
واعتبر النائب المنتخب حسن فضل الله ان «كل الذين رفعوا شعار نزع سلاح المقاومة، اذهبوا، قبضتم ثمن هذه المواقف، ضعوا خطاباتكم في كوب ماء، بللوها، واشربوا ماءها، هذا الموضوع ليس للكلام معكم اصلاً، وكل كلامكم بالنسبة لنا بعيدون عنه آلاف الكيلومترات».
رصاصة السلطة التي اخترقت قلب فراس حمدان، تلاها مساء الأحد صاروخ محمد رعد.. أما فراس ، فكان يوم الأحد يفجّر قنبلة أقوى من كل الصواريخ.