بقلم بيار سمعان

< ادغار كايسي.
يعتبر ادغار كايسي من كبار المتنبئين واصحاب الرؤيا المستقبلية، كما يصفه الاميركيون بكبير الاطباء لأنه كان قادراً على تلقي ووصف العلاج للامراض المستعصية لمرضى يطلبون مساعدته دون ان يراهم.وكان كايسي يستلقي على سريره ويتلقى رسائل مستقبلية وهو في حالة من الاختطاف الروحي. لذا قال: ان احلام اليوم تعطي اجابات لاسئلة المستقبل.
وقد تحققت العديد من نبوءاته، خاصة ما يتعلق بالحربين العالميتين الاولى والثانية والازمة المالية التي ضربت الولايات المتحدة وانعكست على اقتصاد العالم. وعاين قبل وفاته سنة 1947 تحقيق العديد من تنبوءاته، ومن ضمنها انهيار البورصة في نيويورك (1929) ومقتل رئيسين اميركيين والعديد غيرها من الاحداث التي عصفت بالولايات المتحدة الاميركية.
< احداث عالمية:
وفي قراءة نبوءات مرتبطة بالاحداث العالمية، اطلق ادغار كايسي مجموعة من البيانات حول مستقبل العالم الاقتصادي وقيادات دولية بارزة، ومجموعة آراء روحانية وتوقعات حول الدول المميز الذي ستلعبه روسيا كقوة حق في عالم مليء بالاحداث العاصفة والتي نراها تتحقق امام اعيننا اليوم.
< روسيا ستكون شوكة في خاصرة اوروبا،
ورأى كايسي ان الازمات المستقبلية في العالم سوف تتأثر بالمال والتمويل، وان روسيا ستكون بمثابة شوكة في الخاصرة الاوروبية والرأسمالية العالمية واثرياء العالم الذين وحّدوا قواهم ضد خير البشرية خلال الحرب العالمية الثانية وسيعيدون الاختبار نفسه لاشعال حرب ثالثة.
– اوروبا كالمنزل المدمر
وعندما سئل كايسي سنة 1932 حول المنحى السياسي والاقتصادي لاوروبا، وصف ادغار كايسي الاوضاع مسلّطاً الأضواء على روسيا وقال: اوروبا هي كالمنزل المدمّر.ووصف الوضع العام مشيراً ان اقلية في العالم واوروبا تتحكم بمصير الأكثرية وتسعى الى اشباع رغباتها وطموحاتها على حسابها، بغض النظر عن حقوق الآخرين.
ووصف كايسي الاوضاع بصورة رمزية عندما قال ان الشعوب في العالم وفي اوروبا بالتحديد تولد من جديد، لكن بطريقة ترضي الجسد. غير ان بلداً واحداً سيبقى كالشوك في خاصرة النظام السياسي والمالي في اوروبا، وعندا سئل عن هذا البلد، قال انها روسيا، وهي ستولد من جديد، لكن نحو الافضل.
وقال كايسي انه فيما تخضع شعوب العالم لسيطرة القطاع المصرفي والعولمة الغربية، وصندوق النقد الدولي والمصارف الدولية وبنوك الاحتياط والتنمية. كل هذه تجعل الحكومات العالمية في حالة من العجز المالي والديون المتراكمة وتقيد شعوب العالم بقيود يصعب معها ان يتمكن الاثنان (الحكومات والشعوب) من تسديد الديون المتوجبة.
< مطامع الولايات المتحدة وردود فعل بوتين
في سنة 2013 حاولت الولايات المتحدة اجتياح سوريا بحجج واهية، كما جرى مع العراق بحجة امتلاك صدام حسين اسلحة جرثومية ودعمه للقاعدة.
غير ان بوتين منع تدخل الولايات المتحدة واحتمال اجتياح سوريا مهدداً بالتدخل عسكرياً لتعديل هذه الخطة.
ومع التدمير المتعمد لـ اوكرانيا من خلال عملية التمويل المشبوهة من قبل جور سوروس لافتعال ثورة تزعزع الاوضاع الداخلية ومساعي صندوق النقد الدولي الى تقييد اوكرانيا بواسطة قروض انمائية وهمية بعشرات المليارات من الدولارات، وهي قروض قسرية فرضت على الحكومة، خرجت روسيا بوتين كقوة وحيدة قادرة على فضح نوايا مصارف «القبالة» الساعية الى توسيع رقعة نفوذها دولياً. غير ان بوتين حال دون وقوع اوكرانيا وكريميا في ايادي القوى الغربية التي تحرضها في الخفاء.
اليوم الشرق الاوسط كله مضطرب لا بل مندلع. والعالم هو بالتالي على شفير الهاوية ويواجه احتمالاً كبيراً لاندلاع حرب عالمية ثالثة. والأمل على ما يبدو هو بعيد المنال ان يقوم قادة العالم بوقف حدة التصعيد العسكري المتنامي.
كايسي تنبأ عن دور روسيا على انها الأمل الوحيد في هذه الاوضاع المتوترة التي تنبئ باندلاع حرب عالمية. فيقول:« من روسيا يأتي الأمل الى العالم. انها روسيا غير الشيوعية او البولشيفية، بل روسيا الحرة. حيث يعيش ويعمل كل مواطن من اجل ولمصلحة اخيه المواطن الآخر. لقد ولد هذا المبدأ الجديد (في روسيا) وسيستغرق سنوات لكي يتبلور. لكن من روسيا يأتي مرة اخرى هذا الأمل الى العالم (1944).
< سوريا والعراق و«داعش»:
وفيما تتأزم الاوضاع في سوريا والعراق وتصبح اعمال العنف مدمرة بدأت دولة الاسلام بشن حملة صادمة ومرعبة، حافلة بالارهاب الدموي ضد المسيحيين والاكراد والمسلمين المعتدلين والشيعة وسائر الاقليات في المنطقة. وكما اصبح معروفاً فان تنظيم «داعش» يتلقى التمويل والسلاح على انواعه من الولايات المتحدة واسرائيل بحجة الاطاحة بنظام بشار الأسد في سوريا.
وفيما تدعي اميركا وحلفاؤها عدم مسؤوليتهم عن «داعش» وعدم قدرتهم على وقف تمدّد دولة الاسلام والقضاء على المقاتلين والمرتزقة لديهم، قال بوتين للعالم وبهدوء تام حقيقة ما تقوم به دول الغرب في الشرق الاوسط والدعم غير المحدود الذي تقدمه لهذا التنظيم الارهابي والاعمال البشعة التي يقوم بها المرتزقة لديه والتي مزقت سوريا والعراق وقتلت مئات الآلاف لا بل الملايين من الناس الابرياء، وارغمت الملايين من الناس على النزوح واللجوء الى دول الجوار واوروبا، فتوسعت رقعة النزاع لتشعل بعض الدول الاوروبية ايضاً.
وفي لقاء مع وسائل الاعلام العالمية لم يتردد بوتين من كشف حقيقة وخفايا ما يجري، واضعاً الملامة على الولايات المتحدة وغباء الدول الاورروبية التي تتصرف وكأنها تابعة للقرار الاميركي.
على الصعيد الميداني شنت الطائرات الروسية غارات مركزة ودمرت مصادر وقافلات النفط، وهي المورد الرئيسي لدولة الاسلام والحقت اضراراً مباشرة في صفوف قوات «داعش». وهذا لم تتمكن اميركا وحلفائها من تحقيقه خلال سنوات من شن غارات على «داعش». واكتفى الحلفاء باستيعاب دولة الاسلام ورسم حدودها عوض القضاء عليها.
< النمو الروحي وروح القيادة في روسيا.
ويبدو ان ادغار كايسي كان قد تنبأ مسبقاً عن حاجة روسيا الى ان تنمو روحياً بطريقة ما وتتنامى بالإيمان لتتمكن من مواجهة الانحلال الخلقي وتفكّك القيم في المجتمعات الرأسمالية الغربية وتصبح بالتالي مصدر أمل للعالم الرافض لتعميم الفساد.
وعندما سئل كايسي عن موقف الدول الرأسمالية من روسيا، اجاب كايسي: ان امل العالم هو كبير ويعتمد على النمو الديني في روسيا، لدرجة ان الدول القريبة منها والتي بنت علاقة ايجابية معها تنحو نحوها وتسير نحو الاصلاح الديني وتحقق تبدلاً تدريجياً من اجل تسوية نهائية لشروط حكم العالم.. ثم شرح كايسي اننا سنرى ان شخصاً روسياً سيكون اساساً لمنحى فكر ديني واسع يشمل العالم.
وفي حزيران 1938 سئل كايسي عن الاوضات في روسيا، فردّ قائلاً: ان تفاهمات جديدة ستحل في اناس كانوا مضطهدين ومضطربين وبسبب هذه الضغوطات والاضطهاد وروح المادية ستظهر ردود فعل عكسية عندما تحل الحرية، حرية الرأي وحرية المعتقد والعبادة حسبما يمليه الضمير.
ويبدو ان ادغار كايسي كان يشير الى التحولات العميقة التي ستشهدها روسيا بعد تفكّك الاتحاد السوفياتي وإلغاء الشيوعية والى حاجة العالم للعودة الى التوجهات الانسانية والى القيم الاخلاقية بغية التحرير من بطش «العصابات الصهيونية» التي كانت تتآمر ضد البشرية لقرون.
وقال كايسي ان نوعاً من القيادة الروحية سيأتي من روسيا، خلال هذه المرحلة (ما بعد زوال الشيوعية). انه نوع من الاختبار الديني السياسي الذي بمقدوره مواجهة نشوب حرب عالمية ثالثة.
ان فلاديمير بوتين هو دون شك ليس قديساً، لكن في زمن وصل فيه العالم الى حافة الانهيار الخلقي واحتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة، يبدو ان بوتين هو الزعيم العالمي الأوحد الذي يضع على الطاولة خطة مغايرة للمؤامرات المختلفة التي يطرحها رأسماليو العالم من موجة الأباحية وزواج المثليين وخفض سكان العالم ونشر الاوبئة والافكار الشيطانية الى اشعال حرب عالمية مدمرة تقضي على ثلثي سكان العالم.
يقول الفيلسوف اليوناني ارسطو ان الضمير يجد جذوره في الحس السليم والآراء السائدة والمقبولة منطقياً . وان افتقدت المجتمعات هذا الحس فانها تفتقر بالتالي الى الضمير والاخلاق وعدم التعاطف وتفقد الادراك السليم وروح الخلق والذوق والابداع والحب.. فكيف يمكن ادارة شعوب تفتقر لمثل هذه المزايا؟؟
ان انخراط الرئيس الروسي في النزاع الدائر في سوريا هو منطقي وعقلاني ومبني على الأحساس الصحيح. وقد تمكّن حتى الآن من منع اجتياح تركيا لسوريا كما كان مخططاً له وعطل عمليات تنظيم «داعش» الارهابية، وحقق بالتالي انتصارين هما في خدمة المنطق والاخلاق في عصر تسوده الخيانة وروح التآمر.
وهل شاهد ادغار كايسي مسبقاً ما سيحدث وتمكن من ربط القيادة الروحية لروسيا وامكانية تعطيل نشوب حرب عالمية ثالثة يعد لها رأسماليون العالم الغربي؟
في لقائه مع الاعلاميين دعا بوتين الولايات المتحدة الى الترفع عن مشاعر ونوايا السيطرة على العالم. «عليكم ان توقفوا التصرف وكأنكم امبرياليي العالم وان تكفوا عن تسميم عقول الملايين من الناس وكأنه لا وجود لطروحات بديلة سوى السياسة الامبريالية.
كذلك فعل ادغار كايسي عندما علق على مستقبل الولايات المتحدة والانحلال الخلقي فيها.
في حزيران 1944 قبل اشهر من وفاته توجه كايسي الى الشعب الاميركي متحدثاً عن «خطيئة اميركا».
العديد منكم يتباهون بالحرية . حرية ماذا؟ عندما يجرى السيطرة على قلوب وعقول الناس بطرق واساليب مختلفة، فهل هذا يوفر حرية لهم؟ حرية الرأي وحرية العبادة وحرية الارادة؟ عند تطبيق هذه المبادئ يتناسى الناس هذه الامور، وهنا تكمن خطيئة اميركا.
فهل رأي كايسي الدور المميز الذي سيلعبه فلاديمير بوتين ووقوفه عقبة في وجه «القبّالة» الغربية للسيطرة على العالم من خلال الهيمنة على المال والاقتصاد العالمي وزعزعة الانظمة العالمية بواسطة الحروب وخلق «الفوضى الخلاقة» حسب اقتراح الرئيس الاميركي جورج بوش.
غير ان كايسي لا يستبعد نشوب حرب عالمية ثالثة، وهو يتحدث عن اضطرابات ناشئة في ليبيا ومصر وتركيا وسوريا والدول المجاورة، وصولاً الى الخليج الفارسي.
ان نبوءات كايسي حول الدور الروسي الايجابي تدعونا على اقل تعديل الى عدم القبول بكل ما يطرح علينا على انه الحقيقة الوحيدة التي يجب الالتزام بها، وان امكانية تغيير المؤامرات هي امر ممكن اذا توفر الايمان والموضوعية والشجاعة والتصميم على تحدي المخططات الشيطانية.