سميح موسى – سدني

يعجبني المثل العربي القديم القائل : إذا طاح الجمل كثرت سكاكينه ، و طاح هنا تعني سقط أو وقع و قصة المثل أن الجمل عندما يسقط و يشرف على الموت يتسارع الرجال و يستلون سكاكينهم لذبحه قبل أن ينفق ليكون لحمه حلالا ، و هذا حال العرب اليوم …يظنون أن الجمل هو سوريا و هم الذباحون…و لكن يا لسوريا ما أقواها و يا للعرب من ذباحين بعد أن استقووا جميعا على سوريا العصية على الموت .   سامحهم يارب لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون….و إن علموا فالمصيبة أعظم….و لكن سامحهم أيضا، إذ كيف ستحاسبهم يارب على تصرفات و نزوات عقولهم الصغيرة التي لا تتعدى دائرة ( العقال ) الذي يضعونه فوق رؤوسهم ، ألا يعلمون أن ما يفعلونه نكاية بحزب الله و إيران هو خدمة عظيمة لإسرائيل و أمريكا ! ! !  إنهم يدفعون المليارات من أجل ذلك و هذا حال العربي إذا اغتنى فإما أن يتزوج بامرأة ثانية او يقتل رجلا و يدفع ديته .
انظروا إلى بعض الممالك و الإمارات كيف تدفع بسخاء للولايات المتحدة كي تبقي على قواعدها العسكرية داخل الأراضي السورية و قد تبرعت بهذه المليارات عن طيب خاطر دون أن تطلب منها أمريكا إلا قيمة الفواتير الإضافية لقاء الهجمات الصاروخية المتكررة و يشم بعض المراقبون رائحة فساد من الضربة الاخيرة إذ قبضت أمريكا ثمن ماثة و عشر  صاروخا بينما هي في الحقيقة لم تطلق إلا  تسعون صاروخا….و لا بد أن يحاكم الشعب الأمريكي قادته بتهمة الفساد الإداري والمالي…..يا للشفافية الآمريكية.
الأنكى من ذلك أن دولا عربية تدعي غيرتها على العروبة و الإسلام و فلسطين و القدس بدأت بمغازلة إسرائيل و التقرب و التودد إليها،  و الحقيقة ان البداية الفعلية لهذا التقارب كانت منذ سنوات عديدة و لكن الآن ( طق شرش الحياء ) و أصبحت علاقتهم مع الكيان الصهيوني ( على عينك يا تاجر ) .
طبعا سيأتي يوم و تطبع كل الدول العربية علاقتها مع إسرائيل و تقيم سلاما معها بالمفاوضات أو بعد حرب قصيرة و لكن عنيفة جدا سيخسر فيها الجميع و لكن أليس السلام المقترن ببعض الكرامة و عودة الحقوق أفضل من سلام لا كرامة فيه .
سيكتشف أشقاؤنا يوما أن أمريكا و اسرائيل لا يؤمن لهما جانب و أنهم _  أي اشقاؤنا _ الضحايا الأكبر لهذا العصر الماجن الذي يشهد سياسة الجنون و جنون السياسة . و ستكتشف دول أخرى كثيرة تدور في الفلك الأمريكي كفرنسا و بريطانيا و أستراليا أنها خدعت كثيرا و عبثا أذعنت للمتغطرس الأمريكي فما أن تفتح المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة فاها حتى يسارع مندوبو  هذه الدول في تأييدها و كان آخرها العدوان الثلاثي على سوريا.
الا تعلم هذه الدول أيضا أن أمريكا لا يؤمن لها جانب،  فهي ما برحت تتنصت و تتجسس على جميع حلفائها بل و تضايقهم  اقتصاديا قدر استطاعتها لأنها لا تريد لأحد ان يرتفع شأنه ، إنه جنون العظمة …أصاب البعض و أصبحوا يستعرضون عضلاتهم المفتولة على الحلبة السوريةالتي باتت تشبه  حلبات المصارعة الحرة حتى بجولاتها الاستعراضية المتفق عليها مسبقا.
و لكن سواء أكانت هذه الهجمات و الصولات و الجولات جدية أم استعراضية فإنها تقتل جنودا و مدنيين و تضعف من قدرات الجيش السوري كما أنها تؤذي و ترهق المجتمع و الاقتصاد و البنية التحتية و يعتقد منفذوها إنهم كلما أضعفوا سوريا أكثر ستصبح إسرائيل أقوى. …هذا صحيح إلى حد ما و لكن ليتهم يعلمون أن الإرهاب و التطرف الذين يدعون  محاربته سيصبح أقوى أيضا و أن هذا العدوان سيرتد عليهم بل أصبح في عقر دارهم و الدليل على ذلك عشرات الحوادث من إطلاق نار و طعن و دهس و تفجير في الكثير من مدن أوروبا و على بعض الدول الأوربية الآن _ و قبل ان تستعرض عضلاتها و صواريخها الجميلة الذكية  في سوريا _ أن تحمي مجتمعاتها و مدنها من الإرهاب و التطرف ، من الخلايا النائمة التي باتت تملأ مدنهم و خاصة بعد أفواج الهجرة الأخيرة إليهم و على أجهزة استخباراتهم أن تتحرى عن المجاهدين الذين يعدون العدة للإنقضاض بدلا من أن تتفنن في صياغة التقارير الكاذبة عن استخدام أسلحة كيميائية في سوريا كي يزداد عدد السكاكين التي تعمل في جسدها ، لأنهم و إن دعموا الآن هذه المنظمات الإرهابية التكفيرية سيبقون بالنسبة لها أشد الناس كفرا و لا بد أن يرتد السحر على الساحر.   و على من يظن أن سوريا تحتضر و يعول على موتها أن يصحو من أضغاث أحلامه و يعلم أنها برغم سكاكين الخارج و الداخل ستبقى :
ستبقى رغم الداء و الأعداء
كالنسر فوق القمة الشماء