أنطوان القزي
لا تتفاجأوا إذا أحبرتكم أن بدو النقب في سيناء يشاهدون المونديال، وكل خيمة على صفيحها «دش محترم» ويشاهد البدوي ما يشاء ويشجّع من يشاء ويتحمّس لمن يشاء.
ولا تتفاجأوا إذا قرأتم أن سكان الصفيح في بنغلادش يحضرون المونديال بكل تفاصيله، وأن سكان جنوب السودان تركوا كل شيء وتسمّروا أمام الشاشات وأن أحدهم باع بقرة ليشتري تلفزيوناً من أجل المونديال وأن مواطني قطاع غزة لا يوفرون مباراة إلا ويحضرونها، ينزلون الى الشوارع يتفاعلون ويتحمّسون .
كلّ هؤلاء تجاوزوا الخوف والجوع والمعاناة والرعب واستطاعوا أن ينفذوا من شباك المونديال.
اما اللبنانيون فقد باعوا كل شيء قبل المونديال، وما زالوا مجبرين على حضور مونديال الأوراق البيضاء في برلمانهم رغماً عنهم. يشاهدون تسجيل النقاط والأهداف بين المعارضة والممانعة في جلسات عقيمة عن سابق تصوّر وتصميم؟!.
لبنان وطن الفرح والجمال، يسبقه قطار المونديال ولا يتوقف لأنه لم يجد محطة له في ميس الريم اللبنانبة.
سأخبركم كيف تعيش درعا السورية زمن المونديال، درعا المدمرة التي بدأت منها الثورة وعاد اليها القهر مجدداً.
نقرأ معاً هذا الخير:
تشهد الحياة اليومية في مدينة درعا في الجنوب السوري توتراً أمنياً دائماً يحمل لقاطنيها خوفاً مجهولاً من نقاط يمكن للصراع أن ينفجر فيها.
لكن الحال هذه تبدلت في عموم المحافظة، فمع انطلاق صافرة البداية لأول مباراة في المونديال، كانت درعا على موعد مع الوقت المستقطع لتصنع لنفسها بهجة ومتعة في متابعة هذا الحدث الكبير.
وخلال تجوالك في شوارع المدينة، ترى مظاهر الاحتفال والاحتفاء بهذا الإنجاز العربي الفريد، إن كان على مستوى الاستضافة أو نتائج المنتخبات العربية المشاركة.
محال كثيرة احتفت بالحدث على طريقتها؛ من وضع أعلام الدول العربية المشارِكة على واجهاتها، إلى إلصاق أيقونات المونديال على زجاجها الخارجي ( الصورة) . وكم هائل للملصقات والأعلام على السيارات العابرة.
لقد وجد أبناء درعا في المونديال متنفساً للحياة ووقتاً قصيراً بين شوطين يرتاحون فيه من أخبار الاغتيالات والمداهمات.
الأكثر احتفاءً كانت المقاهي المنتشرة في المدينة التي تحولت فيها متابعة كأس العالم إلى فرصة للعمل واتعاش مدخولها.
يقول أحد أصحاب المقاهي في مدينة درعا: «انتظرنا بدء كأس العالم منذ شهور، فروّاد المقهى موسميون، وتلعب الأحداث الأمنية دوراً كبيراً في وجودهم. كما أن ارتفاع الأسعار وموجة الغلاء القاسية خفّضا أعداد الزائرين اليوميين. لكن مع بدء الحدث العالمي في دولة قطر، بدأنا باستقبال الجمهور والمشجعين، ووضعنا شاشة عملاقة وزدنا عدد موظفينا». وأضاف: «البهجة تعلو وجوه الموجودين في المكان، يضحكون ويمزحون ويتابعون بحماس شديد مباريات فرقهم المفضلة».
وتابع: «لن تسمع هنا الأحاديث التي اعتدناها في درعا عن التفجيرات والاغتيالات والخوف والغلاء. كل هذا أصبح في حكم الملغى… الحديث عنه مع بدء أي مباراة، حيث يطغى على روّاد المقهى أحاديث الفرق ونتائجها وتوقعاتهم، والكثير الكثير من المرح والضحك والتسلية والتشجيع. لقد افتقدنا هذه الأجواء منذ زمن طويل وكأننا قد نسينا السعادة أو نسيتنا».
مبروك للأشقاء في درعا؟!.