جوسلين شربل بدوي -سدني
يوم 4 آب هو يوم حداد وطني. ذكرى 4 آب هي الذكرى الاولى لإنفجار مرفأ بيروت التي لا تمحى من الذاكرة.هي ذكرى أليمة و مريرة لكل اللبنانيين الوطنيين ولأهالي الضحايا خصوصاً، ذكرى 4آب مخصصة للصلاة على أرواح الضحايا إحتراماً لأرواحهم البريئة ولمشاعر أهاليهم، ذكرى للتأمل في هذه الكارثة الوطنية، هي يوم خشوع وليس يوم إحتفال ولا يوم عيد الموسيقى.
في هذه الذكرى لا يصح إلا الصلاة و القداديس على أرواح الضحايا المعذبة، وهذا كان مطلب أهالي الشهداء فقد أصروا على إقامة القداس الإلهي في مسرح الجريمة كما أصروا بشدة أن يترأسه غبطة البطريرك بشارة الراعي، ورفضوا ومنعوا حضور أي من المسؤولين والسياسيين والحزبيين بإعتبار أنهم كلهم مسؤولين، وغير مبالين عما جرى. لذا أقل ما يقال هو إحترام إرادة هؤلاءالاهالي التي لم تجف دموعهم منذ سنة.
في ذكرى 4 آب لا تصلح الإحتفالات الموسيقية كما شاهدناها في إحدى المدارس في الأشرفية وقد أطلقوا عليها أمسية موسيقية ولا يحق للسيدات الجالسات في الصف الأمامي من شخصيات محترمات إرتداء الألوان الأحمر والأبيض و بكامل أناقتهن. يبدون وكأنهن يتابعن حفلة موسيقية فرحة فتتمايل رؤوسهن مع النغمة الموسيقية و تظهر الابتسامة العريضة على وجوههن. أعتقد أن عاداتنا المسيحية في الذكرى السنوية للمتوفي، إذ أنه يوم حزن، هي إقامة القداديس والصلاة. كما أن من تقاليد السيدة اللبنانية في مثل هذه المناسبة الحزينة هي إرتداء اللباس الأسود حداداً على روح المتوفي. وكيف إذا كانت هذه الذكرى لمئات المتوفين إنفجاراً و بطريقة شنيعة ؟
في ذكرى 4 آب لا تصح الإحتفالات والمهرجانات السياسية التي شهدناها بالقرب من المرفأ من قبل بعض السياسيين، و ليس مقبولاً إستغلال دماء الضحايا لإلقاء الخطابات الانتخابية و لو من بعد والمطالبة بتحقيق الانتخابات. ومن ثم استعراض بطولاتهم، إنجازاتهم، نضالهم وإبراز خدماتهم ومساعداتهم للمنكوبين في الاشرفية. مشكورين على أعمالهم ولكن أعتقد أن الوقت غير مناسب إطلاقاً لمثل هذه الخطابات، وكان من الاجدى تلاوة الصلاة ترحماً على أرواح الضحايا فقط لا غير.
في هـذا الإحتفال آلمني مشاهدة أم ثكلى إذ لم أرَ غيرها تضم بشدة إلى صدرها صورة فقيدها، ودموعها لا تكف عن الانهمار، جالسة في الصف الخلفي وراء النائب والسياسي والحزبي.فإذا كان الإحتفال كما يدعو أصحاب المهرجان مخصص لأهالي الضحايا لذا أقله أن يحفظوا مقعداً لهذه السيدة في الصف الأمامي ويكون لها كلمة شهادة على منبرهم .ألم يجدوا لها مكاناً الى جانب المعالي؟ كما لا يجوز الاستثمار السياسي من احزان المواطنين . 4 آب ليس لإطلاق الحملات الانتخابية.
من مكان آخر نشاهد مسيرة راجلة لقوى الأمن الداخلي بإتجاه المرفأ بكل احترام وتقدير، 214 رجلاً من قوى الأمن حاملين 214 وردة على عدد الضحايا و لم يحملوا أعلاماً إحتراماً لمطلب الأهالي ومن هناك سياسي يتذكر 4 آب بكل وقار وخشوع بإزاحة الستار عن لوحة تذكارية لأمينه العام الذي قتل في مركز حزبه الذي يقع في ساحة الجريمة ، ويتابعون مسيرتهم بانتظام وهدوء للانضمام الى اهالي الضحايا رافعين الاعلام اللبنانية فقط لا غير لا الحزبية، تلبية لطلب اهالي الضحايا.
من هنا سياسيون يتذكرون، سياسيون يحتفلون، وسياسيون يخطبون من بعيد، و من هناك سياسيون يهربون ويغادرون منازلهم خوفاً من هجومات قد يطالهم في ذكرى تفجير المرفأ خصوصآ أن عناوين منازلهم وزعت على مجموعات مشاركة في التظاهرات. فهربوا إختباءاً من الحقيقة و من أصحاب الحق، إلى متى سيظل هؤلاء هاربون متخفيون؟
في النهاية لا يصح الا الصحيح! والصحيح هو الخضوع لارادة أهالي الضحايا بكل إحترام و الصلاة والخشوع، والمطالبة في تحقيق العدالة.
في ذكرى 4 آب، من قلبي صلاة لبيروت و من قلبي صلاة للضحايا.