مسلسل Stateless (بلا جنسية) على شبكة «نتفلكس» ليس مقتبساً من فكرة كيت بلانشيت بكل بساطة، بل إنه «مستوحى من أحداث حقيقية». يسهل التأكد من صحة هذه العبارة من دون معرفة التفاصيل المقتبسة لأن تجسيد الحياة داخل مخيّم للاجئين في أستراليا يعكس جزءاً واضحاً من أزمات العالم. يقتصر هذا المسلسل القاتم على ست حلقات، وهو من إخراج إيما فريمان وجوسلين مورهاوس (تُخرِج كل واحدة منهما ثلاث حلقات)، ويتمحور حول مخاوف الأسرى لكنه يُركّز بشكلٍ خاص على وضع حرّاسهم أيضاً.

اللاجئة الأساسية الأولى هي مضيفة الطيران الأسترالية «صوفي» (إيفون ستراهوفسكي). في نهاية الحلقة الأولى، تبدو مترنحة وقذرة حين تصل إلى مخيم «بارتون» الأسترالي للاجئين. وعلى عكس الآخرين في المخيم، تريد «صوفي» أن تعود إلى ألمانيا لأنها تظن أن جذورها من هناك. إنها نزعة شبه سادية مقارنةً بالمخاوف العميقة التي يحملها الآخرون تجاه بلدهم الأم، لذا اختاروا أن يعيشوا في هذه الظروف المريعة في المخيم على أمل أن يصبحوا أستراليين. لكن يخسر المسلسل تركيزه بالكامل عبر الكشف عن نفسية «صوفي» المضطربة أثناء وجودها في المخيم. تقدّم ستراهوفسكي مشاهد متعددة من البكاء والصراخ والرقص أحياناً، فتشير هذه التصرفات كلها إلى أنها بدأت تفقد صوابها.

يكتشف المشاهدون عبر لقطات الماضي السبب الذي جعل هذه الأسترالية لاجئة: لقد هربت من طائفة معينة نشاهدها في الحلقة الأولى وتدمّرت بسبب فلسفتها الراسخة حول عيش الحياة التي تريدها. رحّبت بها الزعيمة «بات ماسترز» (كيت بلانشيت) في ذلك العالم، حيث تكثر مشاهد الرقص المطوّلة، وسرعان ما نعرف أن زوجها «غوردون» (دومينيك ويست) هاجمها عبر لقطات مفاجئة تتذكرها «صوفي» في مخيم «بارتون». لكن تكشف القصة عن الحقائق الخفية بأسلوب باهت على مر المسلسل، فتتذكر «صوفي» تفاصيل عن هربها واكتسابها هوية جديدة.

داخل المخيم، يتجول «كام ساندفورد» (جاي كورتني) بين اللاجئين ويتكلم معهم أحياناً. هو واحد من الحراس العاملين مع مجموعة أمنية خاصة اسمها «كوروفو». يقدم كورتني واحداً من أفضل عروضه التمثيلية في هذا الدور، فيتعمق في المشاهد الهادئة أكثر من الأحداث الصاخبة، وسرعان ما يتّضح أن قصة «كام» تعكس ما يختبره رجال الشرطة حين يصبحون سيئين.

على غرار الاضطرابات المتصاعدة بين السلطات والمعتقلين على أرض الواقع، يُعيّن مخيّم «بارتون» مديرة عامة جديدة لقسم المهاجرين، وهي امرأة متحفظة اسمها «كلير» (آشير كيدي). تلقّت «كلير» تعليمات أساسية من رئيستها الحكومية «جينيفيف» (سارة بيرس) لإبعاد المخيم عن عناوين الأخبار من خلال إنزال رجلَين مُحتجَّين من جماعة التاميل عن سطح المخيم والحفاظ على ترتيب المكان عند زيارة وفد من مفوضية حقوق الإنسان. منذ البداية، تعيش «كلير» صراعاً نفسياً بصفتها ممثّلة للسلطة لكنها تبذل قصارى جهدها لإسكات طيبتها الداخلية. لا بد من الإشادة بحضور كيدي القوي لأنها تجعل المناجاة الفردية الداخلية التي تعيشها شخصيتها غير متوقعة. لن نتأكد مطلقاً من مشاعرها الحقيقية تجاه ألاعيب السلطة التي تمارسها للحفاظ على منصبها.

لكنّ أهم تجربة في المسلسل تخصّ «أمير» (فيصل بازي)، وهو رجل أفغاني يمثّل عدداً هائلاً من الهاربين من بلدانهم الأم. في أجزاء مريعة من الحلقة الأولى، نشاهده وهو يحاول الهرب من أفغانستان مع زوجته وولدَيه، ما يؤدي إلى أول مأساة من سلسلة مآسي لاحقة في قصته. يمرر المسلسل جزءاً من تعليقاته السياسية الضمنية عبر تجربة «أمير»، فيثبت استحالة أن يحصل شخص مثله على تأشيرة حماية، مع أن خلفية قصته مؤثرة وتشمل أفعالاً يصعب عليه تبريرها. من الواضح أن القصة كانت لتستفيد من زيادة التركيز على شخصيات مثل «أمير»، لكنه يبقى الأقل ظهوراً على الشاشة من بين الشخصيات الرئيسة الأربع. على صعيد آخر، يبدو السيناريو قوياً بما يكفي كي يضيف بعض التعقيدات غير المتوقعة على محاولات «أمير» الرامية إلى الحصول على تأشيرة، ويمكن اعتبار أداء بازي التمثيلي الأكثر تماسكاً في هذا العمل. لكن يسهل أن نشعر بأن قصة «أمير» تشمل مظاهر مبالغاً فيها من المعاناة مقارنةً بالقصص الأخرى للتعبير عن فكرة بسيطة.

في مطلق الأحوال، تصل جميع القصص إلى نقطة مفصلية في الحلقة الأخيرة التي تحافظ على إيقاع رتيب رغم المسائل الشائكة التي تطرحها. يبدو أسلوب حل مشاكل جميع الشخصيات والمنحى التشاؤمي لعرض الوضع في مخيمات اللاجئين مبالغاً فيه من الناحية الدرامية، حتى أنه يذهب أحياناً إلى حد استعمال مؤثرات عاطفية نافرة. تستعمل الحلقة السادسة البؤس كعامل أساسي، فتحاول دفع الممثلين إلى البكاء وتقديم مشاهد عاطفية مفرطة بعد سلسلة من الحلقات البطيئة في إيقاعها.
تظهر مشاكل أخرى في مرحلة مبكرة من العمل وتستمر على طول الحلقات. تتخذ الشخصيات أحياناً قرارات محورية يصعب أن يتعاطف معها أحد، لا سيما بعد تورطها مع مؤسسة يعرف الجميع أنها شائبة. لا داعي للتناقش حول النتائج العكسية التي يعطيها نظام التعامل مع اللاجئين أو استعمال القوة المفرطة للحفاظ على هذا النظام، ومع ذلك يصرّ المسلسل على جعل شخصياته تناقش هذه المواضيع لأغراض درامية بحت. هذا النوع من القصص التي ترفع شعار «حياة الجميع مهمّة» ظاهرياً هو الذي يجعل مسلسلاً مثل Stateless بعيداً عن المشاكل الإنسانية الواقعية التي أصبحت على المحك.