
ساهم الانتشار الواسع لأنظمة الطاقة الشمسية على أسطح المنازل في أستراليا في خفض فواتير الكهرباء والانبعاثات الكربونية بشكل كبير. لكن وراء هذه القصة الإيجابية تكمن أزمة بيئية متصاعدة تحتاج إلى تدخل عاجل: نفايات الألواح الشمسية.
تحذر الجهات المختصة في القطاع من موجة ضخمة من نفايات الألواح، مع اتجاه عدد متزايد من المنازل إلى تركيب البطاريات بدعم من إعانات الحكومة الفيدرالية.
حالياً، يوجد أكثر من 4 ملايين منزل أسترالي مزوّد بأنظمة شمسية، ما يعادل أكثر من 150 مليون لوح على مستوى البلاد عند احتساب الأنظمة التجارية والكبيرة. ومع تحديث الأنظمة، يُزال حوالي 4 ملايين لوح سنوياً — ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم خلال سنوات قليلة.
رغم ذلك، لا يوجد حتى الآن نظام إلزامي لإعادة تدوير الألواح الشمسية، حيث لا يُعاد تدوير سوى 10% منها، بينما يُخزَّن الباقي أو يُصدَّر للخارج أو يُلقى في مكبات النفايات.
منذ عام 2016، يطالب القطاع بإنشاء نظام وطني لإدارة المنتجات يتضمن رسومًا مقدّمة على الألواح المستوردة أو المُصنّعة لتمويل إعادة التدوير، لكن غياب هذا النظام يترك المستثمرين والمُعيدين للتدوير في حالة ضبابية.
يقول دارين يوهانسن، المدير التنفيذي في “مجلس الطاقة الذكية”: “هناك حالة من الإنهاك بين المستثمرين. فتكلفة نقل لوح واحد إلى مكب النفايات أو مركز التدوير قد تصل إلى 38 دولاراً، مع أن تكلفة استخراج معادن مثل الفضة والنحاس غالبًا ما تتجاوز قيمتها السوقية.”
وفي غرب سيدني، لاحظ المدوّر جيمس بيتيسيتش اختفاء منافسين من السوق، ويعزو استمرار نشاطه إلى المنح الحكومية. لكنه يواجه صعوبة في التنافس مع مصدّرين وسماسرة معادن يقدمون مبالغ مالية مقابل أخذ الألواح وإرسالها للخارج، دون رقابة كافية.
بعض هذه الألواح قد يُعاد استخدامها، لكن الكثير منها يُترك في الحقول أو يُدفن، ما يؤدي إلى فقدان معادن ثمينة.
القوانين الجديدة حدّت من التصدير، لكنها لم تحل المشكلة الأساسية، وهي غياب بنية تحتية موثوقة. ويؤكد بيتيسيتش أن هذا يجعل من الصعب جذب الاستثمارات.
في نفس الوقت، يزيد تركيب البطاريات من الضغط. يقول جاك وارنر، فني تركيب الألواح، إن 20% من أعماله تتضمن استبدال الألواح القديمة بأنظمة حديثة مزودة ببطاريات ومحولات ذكية. وغالباً ما يتلقى عروضاً من تجار خردة لنقل الألواح مقابل مبالغ مالية.
وعلى الرغم من أن شركته تسلّم الألواح لمراكز معتمدة لإعادة التدوير، إلا أن تكلفة التخلص منها — التي قد تصل إلى 650 دولاراً للأسرة — يتحملها العملاء.
ويقول وارنر: “يمكننا نظريًا إعادة تدوير ما يصل إلى 85% من المواد الخام داخل الألواح الشمسية، لكننا لا نملك بنية تحتية جاهزة للتعامل مع الكمّ الهائل المتوقع في السنوات القادمة.”
الأمر لا يقتصر على البيئة فقط، بل يشكل تحدياً اقتصادياً أيضاً، حيث يحذر الخبراء من نقص عالمي في معادن أساسية.
يقول يوهانسن: “الألواح الشمسية تحتوي على معادن نادرة، مثل النحاس والفضة، التي تشهد نقصاً في الإمدادات. في الواقع، الفضة الموجودة داخل الألواح الشمسية في أستراليا قد تعادل أكبر منجم فضة في البلاد.”
وقد حذّرت وكالة الطاقة الدولية من عجز عالمي في النحاس بنسبة 30% إذا لم يتم اتخاذ تدابير عاجلة، داعية الدول إلى اعتماد سياسات تشجع إعادة التدوير.
وتتفق الجهات الفاعلة في القطاع على أن الحل بسيط، لكنه تأخر كثيرًا.
يقول يوهانسن: “نظام وطني لإدارة المنتجات سيخفض التكاليف على المستهلكين، ويزيد من كفاءة القطاع، ويدعم صناعة تدوير مزدهرة، ما يعني فرص عمل ونمو اقتصادي.”
ويختتم بيتيسيتش قائلاً: “إذا لم نتحرك الآن، سنهدر الموارد التي نعتمد عليها لتأمين مستقبل أستراليا في مجال الطاقة.”