أطلقت فابيانا ماكاي، الرئيسة التنفيذية لمعهد كيمر بيرغهوفر للأبحاث الطبية، دعوة قوية للحكومة الأسترالية لجعل البحث الطبي أولوية وطنية، محذّرة من أن الاعتماد الحالي على مصادر التمويل الأجنبية يمثل تهديدًا حقيقيًا للسيادة العلمية والاقتصادية للبلاد.

وخلال مشاركتها في مؤتمر علمي متخصص، أكدت ماكاي أن أكثر من 60% من التمويل الحالي الذي يعتمد عليه الباحثون الأستراليون في المجال الطبي يأتي من الخارج، وخاصة من الولايات المتحدة، الأمر الذي يهدد استقرار البحوث المحلية ويجعلها رهينة للتوجهات السياسية أو الاقتصادية لتلك الدول. وأشارت إلى أن أي تغيّر مفاجئ في السياسات الأمريكية أو العالمية يمكن أن يؤدي إلى توقف مشاريع بحثية حساسة، بعضها مرتبط مباشرة بصحة الأستراليين ومستقبلهم العلاجي.

وأضافت أن العلماء في أستراليا أظهروا قدرات عالية أثناء جائحة كوفيد-19، حيث لعبوا دورًا مهمًا في تطوير اللقاحات وفهم سلوك الفيروس، لكن رغم ذلك، لم يُترجم هذا النجاح إلى دعم مالي كافٍ أو استثمارات محلية مستدامة. وتابعت: “نمتلك العقول والكوادر، لكن ما ينقصنا هو الإرادة السياسية والتمويل الكافي لحماية هذه الثروة الفكرية”.

كما حذّرت من أن أستراليا تخاطر بفقدان جيل كامل من الباحثين المتميزين الذين قد يهاجرون إلى الخارج بحثًا عن فرص أفضل، مما يؤدي إلى استنزاف العقول وزيادة الفجوة في الابتكار الطبي على المستوى الوطني. وأكدت أن الحل يكمن في إنشاء صناديق تمويل وطنية مستقلة، تضمن استمرارية البحوث دون الاعتماد على شروط المانحين الأجانب أو أولوياتهم البحثية.

ماكاي اختتمت مداخلتها بدعوة صريحة للبرلمان الأسترالي لتشريع قوانين جديدة تضمن تمويلًا طويل الأجل للبحث والتطوير الطبي، وإطلاق استراتيجية وطنية تضع البحث الطبي في صلب السياسات الصحية والاقتصادية، معتبرة أن “الأمن الطبي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي”.

هذه التصريحات فتحت نقاشًا واسعًا في الأوساط الأكاديمية والسياسية، خصوصًا مع اقتراب موعد الميزانية السنوية للحكومة، حيث يتوقع العديد من الخبراء أن تكون قضية “السيادة البحثية” حاضرة بقوة على طاولة النقاش.