
تحالف استراتيجي يواجه تحديات غير مسبوقة
لطالما كان التحالف الأطلسي، على الرغم من بعض عيوبه، حجر الزاوية في ضمان الأمن في أوروبا الغربية لأكثر من 80 عامًا. لكن هذا التحالف يواجه الآن تهديدات قد تؤدي إلى تفككه، وهو ما يضع أستراليا في موقف صعب لم تكن مستعدة له.
في خطاب “الحريات الأربع” الشهير عام 1941، شدد الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت على المبادئ الأساسية للديمقراطية: حرية التعبير، حرية العبادة، التحرر من الحاجة، والتحرر من الخوف. كانت هذه المبادئ تمثل الأسس التي قامت عليها القيادة الأمريكية للعالم، وهي قيم راسخة توافقت معها أستراليا على مر السنين.
لكن اليوم، ومع التزام أستراليا باتفاقية “أوكوس” العسكرية ذات الميزانيات الضخمة، نجد أنفسنا أمام تحول غير مطمئن في القيم بيننا وبين حليفنا الأمريكي. منذ وصول دونالد ترامب إلى السلطة، اتخذت إدارته وحلفاؤه عدة قرارات تهدد استقرار النظام الدولي:
- تقليص الدعم العسكري الأمريكي لأوكرانيا في مواجهة العدوان الروسي.
- محاولة فرض وقف إطلاق نار على أوكرانيا دون ضمانات أمنية، مما يتناقض مع مبدأ الدفاع الجماعي لحلف الناتو.
- التدخل في الشؤون الداخلية لدول أوروبية وتعزيز التيارات السياسية اليمينية المتطرفة.
- تهديد الحلفاء، بما في ذلك أستراليا، بعواقب تجارية شديدة.
في هذا السياق، نجد أستراليا ملتزمة بمشروع الغواصات في “أوكوس” بتكاليف ضخمة، دون أي ضمانات حول وفاء الولايات المتحدة بالتزاماتها، خاصة في ظل تصريحات ترامب التي تهدد بإعادة تقييم التحالفات الدولية.
هل لدى أستراليا خطة بديلة؟
التحدي الحقيقي الآن يكمن في إيجاد “الخطة ب” لمستقبل الأمن الأسترالي. بينما تستمر الحكومة الأسترالية في تجنب التصعيد المباشر مع ترامب، يبقى السؤال المحوري: كيف يمكننا حماية مصالحنا إذا قررت الولايات المتحدة التراجع عن التزاماتها الدفاعية؟
حتى الآن، تجنبت الحكومة الأسترالية انتقاد تراجع الدعم الأمريكي للمساعدات الإنسانية العالمية، رغم أن ذلك يهدد حياة ملايين الأشخاص حول العالم، من السودان إلى أوكرانيا.
لا يمكن لأستراليا أن تواصل تبعية السياسة الأمريكية دون إعادة تقييم مصالحها الاستراتيجية. لقد وقفنا سابقًا مع روزفلت دفاعًا عن القيم الديمقراطية، فهل لا يزال بالإمكان الوثوق بأمريكا تحت قيادة ترامب؟
إجابة هذا السؤال يجب أن تكون من أولويات صناع القرار الأستراليين في هذه المرحلة الحرجة.