في مشغل في جنوب لبنان، تفتقد أم عمر خياطة الثياب الملونة لمواسم الأعياد وطلاب المدارس، بعدما بات الطلب ينصبّ على أكياس سوداء تُستخدم لدفن ضحايا كوفيد-19، الوباء الذي حصد معدلات وفاة قياسية في البلاد منذ مطلع العام.
وتقول السيدة المشرفة على مشغل «الأم» في مدينة صيدا الساحلية لوكالة فرانس برس «من قبل، كنا نخيّط ثياباً للعيد والحجاج وطلاب المدارس، كنّا نفرّح القلوب» أما الآن «فبتنا مضطرين للقيام بهذا العمل».
في صالة المشغل الرئيسية، ينهمك معظم النساء في خياطة أكياس سوداء اللون شبيهة بتلك التي توظب فيها البزات الرسمية الجديدة أو الفساتين الأنيقة الطويلة، فيما تبدو الأقمشة والخيطان الملونة في استراحة. يفرد شاب على طاولة أمامه قطعة قماش سوداء.
ويحدد بمسطرة صفراء وحجر أبيض القياسات قبل تفصيل الكيس، لتتولى السيدات خياطته ثم يوظب في كيس نايلون ويصبح جاهزاً.
وتشرح أم عمر «مؤثر نفسياً أن نقوم بهذا العمل لكننا مضطرون لذلك» لتلبية «حاجة السوق حالياً»، موضحة أن ارتفاع عدد «الأموات أدى الى ارتفاع الطلب أكثر» على الأكياس التي توضع فيها الجثث في المستشفيات تمهيداً لنقلها ودفنها.
والتحول في نمط عمل وإنتاج هذا المشغل، على غرار مشاغل ومعامل أخرى في أنحاء البلاد، بدأ منذ تفشي فيروس كورونا قبل عام. فبدأ العديد منها خياطة الثياب الخاصة بالطواقم الطبية والصحية والمرضى وحتى الكمامات من القماش.
لا تتوقّف ماكينات الخياطة عن العمل في المشغل بينما تشرف أم عمر على مراحل الإنتاج وتتابع السيدات اللواتي يلتزمن وضع الكمامات والتباعد الجسدي. ولا تتردد في إبداء رغبتها بعودة الأمور الى ما كانت عليه قبل تفشي الوباء. وتقول أم عمر «نتمنى من كل قلبنا أن يتغير الوضع ونعود الى نمط العمل الذي اعتدنا عليه سابقاً، وأن تنتهي الكورونا ويرتاح الناس وينتبهون أكثر لئلا نضطر الى هذا النوع من الخياطة».