لا يختلف إثنان اليوم ان إيران أصبحت من الدول العظمى عسكرياً بعد ان بنت ترسانة ضخمة من الأسلحة. وتقدمت أشواطاً نحو بناء قنبلة ذرية، وتمددت جغرافياً حتى وصلت إلى البحر المتوسط عبر لبنان وسوريا.
إيران اليوم أصبحت تشكل خطراً مباشراً على إسرائيل، وتهديداً لاستقرار الأوضاع في الخليج العربي والعائلة المالكة في السعودية.
وان احتمال لجوء إيران إلي إقفال باب المندب ومضيق هرمز يشكل تهديداً للاقتصاد العام, كما يهدد حزب الله أمن واستقرار إسرائيل، بعد أن أشيع أنه يمتلك آلاف الصواريخ، وقد يكون قادراً على إصابة أهداف محددة، داخل الكيان الصهيوني، وإلحاق الضرر بها كون اسرائيل هي على مرمى حجر من الجنوب اللبناني، الأرض الحاضنة لقوات حزب الله.
لكن الحروب ليست عسكرية فقط. بل تتخذ وجوهاً مختلفة. وقد تكون الحروب الاقتصادية والمالية أشد خطورة على المواطنين وعلى الدول المحاصرة وتدفع الشعوب إلى الانقلاب على الطبقة الحاكمة.
عائلة روتشيلد:
عائلة روتشيلد الألمانية – اليهودية تحكم بالمال.
من المعروف ان 99٪ من سكان العالم يتحكم بهم 1٪ من أثرياء العالم، والناس الذين يقترضون المال يعيشون تحت إمرة مانح القروض ويصبحون مكبلين من قبلهم.
عائلة روتشيلد تتحكم بكل شيء، وحتى في الواحد بالمئة من أثرياء العالم.
عائلة روتشيلد هي السلطة الأعلى في العالم التي تتداول اليوم الثراء والقدرة على التحكم بقرارات الدول وبمصير الشعوب تصل ثروة هذه العائلة إلى 500 تريليون دولار أي 500 مليون مليار دولار. فإذا وزعت العائلة ثروتها على سكان الأرض يحصل كل فرد على 120 ألف دولار.
وتأتي ثروة عائلة روتشيلد من البنوك التي تمتلكها أو تديرها، وقائمة البنوك المركزية حول العالم هي طويلة جداً. وهذه أشهرها:
البنك المركزي للأرجنتين، بنك الجزائر، البنك المركزي البلجيكي، البنك المركزي البرازيلي، البنك الكندي، البنك الشعبي الصيني، البنك الوطني الدانماركي، البنك الفرنسي، البنك الإسرائيلي، بنك اليابان، بنك المغرب، بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي والقائمة تطول.
في حلول سنة 2000 كانت عائلة روتشيلد تتحكم في كل بنوك العالم، ما عدا سبع بلدان، وهي أفغانستان، العراق، السودان، ليبيا، كوبا، كوريا الشمالية وإيران.
وليس صدفة ما حدث من توتر وحروب في كل هذه البلدان السبعة.
في عام 2001 غزت الولايات المتحدة أفغانستان، وسنة 2003 غزت العراق، وبعد هذين الحربين استطاعت عائلة روتشيلد السيطرة على أكبر بنك في الشرق الأوسط، وهو بنك العراق.
سنة 2006 لم يبقَ سوى خمس بلدان لديها بنوك مركزية لا تمتلكها عائلة روتشيلد، لكن في 2011، بعد سقوط القذافي، فتح المجال لعائلة روتشيلد، للاستيلاء عليها بعد أن ساهم الصهيوني الفرنسي برنارد لافي في وأد وإشعال الاضطرابات في ليبيا، باسم الربيع العربي. وفي نفس السنة قسم أكبر بلد إفريقي من حيث المساحة إلى قسمين، فغزت عائلة روتشيلد السودان لتقع تحت سيطرتها.
ولم يبقَ إلا ثلاث بلدان في العالم تسعى عائلة روتشيلد إلى السيطرة عليها وهي كوبا، كوريا الشمالية وإيران. أما بقية دول العالم فهي تقع تحت إمرة هذه العائلة التي تقرض البلدان الكثير من الأموال، مما يجعلها تتحكم أكثر بقراراتها وتملي عليها السياسات والبرامج التي تريد، وتتحكم بمصيرها.
ادموند روتشيلد كان من أكبر ممولي الهجرة اليهودية إلى اسرائيل، وتعتبر عائلة روتشيلد من أهم الداعمين لإسرائيل، سياسياً ومالياً وعسكرياً واقتصادياً. ويلاحظ ذلك بطريقة غير مباشرة، من خلال القرارات التي تتخذها الولايات المتحدة والدول الأوروبية ودول الكومنولث وغيرها ، وهي الداعمة لإسرائيل وللسياسات الصهيونية وأوصلت عائلة روتشيلد العديد من الرؤساء والقادة أمثال ماكرون في فرنسا وترودو في كندا وترامب في الولايات المتحدة وغيرهم…
من هنا يمكن فهم الحصار الاقتصادي على إيران واحتمال نشوب حرب معها، لتصبح تحت سيطرة عائلة روتشيلد الصهيونية، مالياً واقتصادياً وسياسياً. وهذا هو الجانب الخفي الذي يجهله الناس، ولكنه ليس السبب الوحيد لمساعي إسقاط إيران، بعد أن فتح الرئيس الأميركي الحوار المباشر مع كوريا الشمالية، على أمل تطويعها دون مواجهة عسكرية، قد تكون مكلفة وخطيرة، وتهدد الاستقرار العالمي، فما هي الدوافع الأخرى التي تقف وراء احتمال نشوب حرب جديدة بين إبران وحزب الله من جهة وإسرائيل والولايات المتحدة والحلف العربي من جهة أخرى؟
– تقسيم العالم إلي قطاعات:
قسم النورانيون العالم إلى قطاعات لإحكام السيطرة عليه عن طريق إيصال عملائهم إلي مراكز قيادية، تُحكم بواسطتهم السيطرة على هذه القطاعات. لأن من يمتلك المال هو قادر على التحكم بالسلطة ولا بد من ذكر أهم هذه القطاعات:
– القطاع الأول هو أميركا الشمالية، ويضم الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، المطلوب أن تلعب هذه الكتلة دوراً قيادياً في سياسة العالم.
– القطاع الثاني هو أميركا الجنوبية، على أن يكون ملحقاً وتابعاً للقطاع الأول.
– القطاع الثالث هو الاتحاد الأوروبي، على أن يكون الكتلة القادرة على لعب دور قيادي في حال انهيار القطاع الأول.
– القطاع الرابع: يشمل كل من استراليا وإسرائيل.
والمطلوب ان تلعب استراليا دوراً رائداً في منطقة آسيا – الباسيفيك، وان تتحكم إسرائيل بمنطقة الشرق الأوسط من خلال القدرات العسكرية والتكنولوجية والاقتصادية.
فالمطلوب من أجل تحقيق ذلك عدم السماح بقيام أي قوة أخرى في المنطقة تفشل هذا المخطط، وتسهيل سيطرة إسرائيل على الثروات المتوفرة فيها، والسماح لها بفرض شروطها على الدول العربية المجاورة. ونظراً للتفاوت في عدد السكان والجغرافيا سمح لإسرائيل أن توسع رقعتها، عملاً بخطة «التجمع والاقتحام». فكلما ارتفع عدد السكان داخل إسرائيل وتخلق الأعذار لاسرائيل لتقدم المزيد من الأراضي تحت مسمى «أرض الميعاد» التي تمتد من الفرات إلي النيل، على أمل أن تنشئ إسرائيل « المملكة الداودية» التي وعد الله بها إبراهيم، انه سيمنحه جميع الأرض التي تطأها قدماه. كما يرجون له.
فإبراهيم الذي جاء من بلاد «أور» في العراق، انتقل سيراً على الأقدام إلى أرض فلسطين وأمضى سنوات في مصر، كما ورد في العهد القديم. هذه المنطقة هي بنظرهم، أرض الميعاد الموعودة.
– اما القطاع السابع فيشمل العالم العربي الاسلامي هذا القطاع خطّط له ان يكون تحت سيطرة اسرائيل.
وباعتقادي هنا تكمن الخلفية الثانية التي تساعد على فهم ما يجري وما قد يحدث في الشرق الاوسط، تحقيقاً لهذه المخططات. وان من ينظر الى الواقع المأساوي وحالة التشرذم والفوضى وعدم قدرة الانظمة العربية على اقامة دول ديمقراطية مستقرة تولي الأهمية لبناء الانسان المواطن الذي تحفظ الدول حقوقه وتدعم انتمائه الوطني، وتدفعه للتمسك بأرضه وثقافته وتخرجه من الانتماءات القبلية الضيقة.
المؤسف ان الوطن العربي اليوم هو بمثابة «انسان قلق، اعد حقيبته وينتظر اول فرصة للرحيل النهائي عن وطنه.
– ايران «بعبع العرب».
الانقلاب الذي خطط له الغرب للاطاحة بشاه ايران، واقامة الجمهورية الاسلامية بزعامة آية الله الخميني، ادى الى زعزعة الاوضاع في اكثر من بلد عربي.
اول الغيث كان الحرب العراقية الايرانية، بعد ان سعى العرب الى خلق سد منيع امام المدّ الايراني، خوفاً ان تنتقل عدوى الانقلابات الجماهيرية وتطيح بالملوك والعائلات الحاكمة.
لذا شعرت المملكة العربية السعودية بالرعب ان تنقلب الشعوب والقبائل على العائلة المالكة. وتصاعدت حدة القلق بعد سقوط صدام حسين وتمدّد النفوذ الايراني في المنطقة. فتحول الحذر الى قلق، والخوف من النفوذ الفارسي/الشيعي الى عداوة، خاصة بعد اعادة اشعال جبهة اليمن التي اتخذت طابع النزاع السني الشيعي. واصبح الحوثيون يوجهون صواريخهم (الايرانية) باتجاه السعودية.
ومع وصول القوات الايرانية الي الداخل السوري، دعماً لنظام بشار الأسد ودخول حزب الله في النزاعات الاقليمية في سوريا والعراق واليمن. بدأ عرب الخليج يشعرون بحدة القلق من تنامي قوة ايران في المنطقة العربية.
رافق ذلك ارتفاع اصوات عربية تنادي بضرورة مواجهة ايران، واخرى تدعو الى اصلاح الاوضاع، وثالثة تطالب بحمل السلاح، دفاعاً عن مكة… حالة القلق وتصدّع التركيبة الاجتماعية، دفعت السعودية الى قيادة حلف عربي لمواجهة المد الايراني، كما دفعت ولي العهد محمد بن سلمان الى الارتماء في احضان اسرائيل وتسليم قضايا الأمن القومي للرئيس الاميركي وللديبلوماسية العسكرية الاسرائيلية، مهما كان الثمن.
بكلام آخر، جرى تقسيم العرب والمسلمين مرة اخرى وبشكل جذري، كما حدث ايام الحكم التركي، عندما قررت الديبلوماسية الغربية القضاء على تركيا. فطرح النزاع العربي – التركي من خلفية قومية وليس دينية، وبدأت ابواق «الاستعمار» الجديد تحرض العرب على الاتراك، كونهما مجتمعان مختلفان ثقافياً وعرقياً، يجمع بينهما الدين… ولكن!!
فالتاريخ يعيد نفسه لأن العرب لم يستفيدوا من عبر التاريخ ودروسه، وعجزوا عن بناء اوطان يسودها العدالة والمساواة واحترام حقوق الانسان. واصبحت الطبقات الحاكمة ترغب بالحفاظ على مكتسباتها، مهما كان الثمن او اختلفت الوسائل والوسائط.
– اسرائيل القوة الوحيدة في الشرق الاوسط.
الدول العربية الثرية بنفطها خيراتها الطبيعية، هي قادرة مادياً على شراء احدث التكنولوجيا العسكرية. لكن القرارات الدولية تحظر بيعهم اية معدات متطورة تجعلها قادرة على تهديد امن اسرائيل. وحكماء صهيون يدركون بعمق اهمية الدور الذي يفترض ان تلعبه اسرائيل في المنطقة، وهم يعملون بجدّ على تحقيق الأجندا البعيدة المدى، والتي تضمن سلامة اسرائيل من ناحية، وتخلق الأجواء الملائمة لها للتمدد والتوسع.
فالمناخات السلبية التي تفرض على العرب، يقابلها اجواء مشجعة لدى اسرائيل وعلى مختلف المستويات العسكرية والاقتصادية والتعليمية، بالاضافة الى الدعم الدولي.
لذا قامت اسرائيل في عام 1981 بضرب المفاعل النووية في العراق، لأنه «يمنع على العرب امتلاك اية اسلحة تهدّد سلامة اسرائيل». كذلك قامت الطائرات الاسرائيلية بتنفيذ واحدة من أهم العمليات التي بقيت طي الكتمان طوال عشر سنوات.
في عام 2007 نفذت هذه الطائرات غارة جوية على مركز المفاعل النووي السوري المجاور لمنطقة دير الزور، اطلق عليه تسمية «الكبَر» . وقامت بتدميره بالكامل. وبدأت بعدها المخابرات الاسرائيلية التركيز على ليبيا، بعد ان ادركت ان معمر القذافي يسعى بدوره الى امتلاك قنبلة ذرية.
فمارست اسرائيل ضغوطاً على الولايات المتحدة وبريطانيا لاقناع القذافي بضرورة العدول عن مساعيه وفكفكة البرنامج النووي لديه (2003) . وساد اسرائيل حالة من الرعب ، ليس بسبب تسليم معمر القذافي ما لديه من مواد والتقنيات النووية لديه ، بل لأن المخابرات الاسرائيلية لم تعلم مسبقاً ان القذافي كان يسعى الى انتاج قنبلة ذرية.
– ايران والقنبلة الذرية
يظن البعض بوجود مصالح مشتركة بين اسرائيل وايران. ويبدو هذا صحيحاً للوهلة الاولى، خاصة بما يتعلق بالعداء المشترك لديهما نحو العرب.
ولا يستبعد ان تكون اسرائيل قد استفادت من الحالة الايرانية للضغط على العرب ودفعهم باتجاهها. لكن اسرائيل تتخوف الآن من القدرات المتنامية لدى ايران ومن امكانية حصولها على اسلحة نووية، خاصة ان ايران لم تعد بعيدة عن اسرائيل، بل اصبحت القوات الايرانية على مشارفها، ان من خلال وجود حزب الله في الجنوب اللبناني، او نتيجة لوجود القوات الايرانية في سوريا، وعلى حدودها من ناحية الجولان.
فامكانية اعتراض الصواريخ البالستية وحاملة الرؤوس النووية، اصبحت من المهام الصعبة بسبب المواجهة المباشرة وصعوبة تعقب هذه الصواريخ قبل وصولها الى الاراضي المحتلة.
وان ما حدث ايام حكم صدام حسين، عندما اطلق عشرات الصواريع باتجاه تل ابيب، لم تتمكن اسرائيل من اعتراضها بالكامل يعطى اسرائيل ذريعة لمطالبة الولايات المتحدة والدول الصديقة، الاجنبية والعربية لشن حرب مدمرة على ايران، ان لم تتخلّ عن برنامجها النووي وتنزع سلاح حزب الله، وتخضع للإملاءات الاميركية وللشروط الاسرائيلية.
السياسة الصهيونية تؤيد توجيه ضربة الى ايران اليوم، لأن الغد قد يكون اسوأ واخطر على اسرائيل.
فمن ضرب المفاعل النووية في العراق وسوريا وليبيا لن يتردّد في ضرب ايران، حتى ولو كانت نتائج الحرب مدمرة وكبيرة، على المنطقة بأسرها. لأن خسائر اليوم ستكون اقل بكثير من خسائر المستقبل.
باعتقداي ان ما يجري في الشرق الاوسط من استعدادات للحرب، ليس من باب التهويل . وان اسرآئيل لن يكون لديها رئيس يتعاطف معها كدونالد ترامب، ويؤمن من خلال التوراة، بضرورة قيام المملكة الداودية، وبجمع يهود العالم في كيان عاصمته «اورشليم».
اسرائيل لن تفوت الفرصة الذهبية، بعد ان اقنعت ترامب انه «كـإستير» التي انقذت الشعب اليهودي، بعد ان حاصر ملك الفرس مدينة اورشليم والهيكل.
التاريخ يعيد نفسه، واسرائيل تقرأ التاريخ بتعمق وتأخذ العبر منه.
لكن لا احد يعلم النتائج.
ربما شارفت اسرائيل على اعلان مجيء «مسيحها»… او ربما ستسجد وتردّد «انها اخطأت قراءة الحقيقة الأزلية ان المسيح الآتي مجدداً، سيكون «مسيح الدينونة الأخيرة» الذي يمنح سلامه لجميع الأمم.
بانتظار ان تنجلي الأمور ، يبدو ان الحرب على الأبواب.