بقلم / هاني الترك  oam

امرأة قد تبدو غريبة حينما قابلتها.. ولكني شعرت لأول وهلة بإحساس خفي أنّي اعرفها قبل ان اراها.. نمت بيننا صداقة بريئة عميقة.. وعرفت ان بيننا ارضية مشتركة .. الإيمان الفطري بالله وحب الموسيقى والتداخل الأزلي الأبدي في تركيبتهما.
صحيح انني كنت اشعر بجمال الموسيقى في خوالج نفسي وصديقتي .. لكني لم اكن اعرف الارتباط الأزلي الأبدي بين جمال الموسيقى والحقيقة الإيمانية من الناحية العلمية الا بعد ان قرأت عن عالم الرياضيات والفضائيات الفذ والمؤلف الكبير سير روبرت هويلز.
يقول هويلز من خلال فهم نظرية الكم quantum theory ان اصل الكون ومنظمه هو الذكاء الخارق Superintelligence الذي يوجّه الكون الى المستقبل وليس له نهاية ولكن غاية.
فمن خلال نظرية الكم زرع الله الافكار الموجودة مسبقاً في الوعي البشري consciousness سواء بعلم الاعداد او قواعد الموسيقى.. وهذا هو اصل الإلهام الحسابي والتأليف الموسيقي.
ولكن كيف توصل هويلز وهو العالم الكبير التجريبي والنظري الى هذه الحقيقة؟
يقول هويلز بهذا الصدد: «رغم ان معظم العلماء يدعون تجنّب الدين الا ان الحقيقة ان الدين يسيطر على تفكيرهم اكثر من سيطرته على رجال الدين انفسهم».. فإن الفكرة المركزية في التصوّف ان الحقيقة هي واحد.. سمّها ما شئت الكون او الوعي المطلق او الذكاء الخارق او الله .. يمكن للعالم التجريبي والنظري ادراكه بالحدس الباطني.
يقول هويلز انه لمعت في مخيلته واقعة شاؤول كما جاءت في العهد الجديد من الكتاب المقدّس وهو في طريقه الى دمشق : « حينما ابرق من السماء نور ساطع سقط شاؤول على الارض سمع صوتاً قائلاً له: «شاؤول شاؤول لماذا تضطهدني».. تساءل شاؤول: «من انت يا سيد» .. فقال له الصوت: «انا يسوع الذي تضطهده لأنك تضطهد تلاميذي».
هنا لمعت في ذهن هويلز نظرية المعرفة الكونية بالموجات الكهربائية المغناطيسية التي تكمن في علم التفاضل والتكامل كفرع من علوم الرياضيات .. وذلك من خلال تفكيره في شكل ميكانيكا الكم quantum mechanic في لحن متناغم .
عرف هويلز النظرية بالنغم الجميل بأن الله قد زرع منذ الأزل في الوعي البشري الافكار العلمية وقواعد الموسيقى .. وان الله اصل الالهام في علم الرياضيات وجمال الموسيقى.. فقد رأى هويلز في المعادلات الرياضية جمالاً موسيقياً ساحراً لا يراه الا العقل الخلاّق المتعبّد لله.
وهذا بالضبط ما شعرته به مع صديقتي في رؤيتنا العلمية الحدسية لله.. اي الوعي المطلق Absolute Consciousness .. اي الذكاء الخارق .. وتبادلنا الرأي في هذا الاعتقاد واتفقنا عليه.

ولدهشتنا اكتشفنا بعد ذلك عشقنا سوياً للموسيقى وذات النوع من الألحان.. تُصهر وجودنا في بوتقة واحدة تختلط فيها دماؤنا مع بعضنا .. وتهتز كل قطرة فيها نشوة وطربا .. وتهيّج الألحان عواطفنا المكبوتة من بحر الأبدية.. وتقرّبنا من معرفة اسرار الكون السرمدية.. وان حياتنا تعود الى الأزمان الخالدة الأزلية.
عذوبة الموسيقى كشفت الحب بين رَوحينا وعمّقت من عظمة الله في قلبينا.
لأول وهلة قابلتها شعرت اني قابلتها في الروح قبل ان اشاهدها في الجسد.. شدّني طيفها الى عناقها وانطلق من اعماقي لحن اغنية : «روحي وروحك حبايب من قبل ده العالم والله».
فلا عجب ان اهل الهوى يطربون للموسيقى في معبد الحب .. ويعبدون الله في محراب الإيمان .. فأن الله نبع للإلهام العلمي وحب الموسيقى .. وكلاهما جمال مرشد نحو الحقيقة.