زهير السباعي

منذ عدة أسابيع وأنا أكتب عن التحالف العربي الذي شكلته المملكة ليتصدى للتوسع الفارسي الإيراني في منطقتنا العربية بعد أن بات الأمن القومي العربي مهدداً من المحيط إلى الخليج، باركنا وأيدنا هذا التحالف المنتظر لقناعتنا علَّه يكون نواةً وبوتقةً يلملم شعث هذه الأمة المثخنة بالجراح، فعاصفة الحزم والضربات الجوية للحلف في اليمن كانت لإعادة الشرعية وهذا على المدى القريب بينما الهدف الإستراتيجي والبعيد أعظم من ذلك، فإعادة الإعتبار والوجود للأمة العربية بأكملها وعلى مراحل وضمن جدول زمني محدد يكون هدفه ليس فقط إعادة الشرعية في اليمن والتوقف فيها بل الإستمرار بإعادة الشرعية للمنطقة برمتها وخصوصاً للدول التي تعاني من الاحتلال الفارسي لها، ويبدو أن الحلف لم يضع أهدافاً مرسومة وواضحة تتفق مع طموحات شعوب المنطقة وأمنياتها، فالضربات الجوية لن تؤتي أٌكلها اذا لم يساندها قوات برية تعمل على تطهير المدن والقرى من جميع الميلشيات المسلحة وقد نأت المملكة بنفسها عن التورط بإرسال قوات برية لأسباب تخصها، والسؤال المطروح كيف سيحقق الحلف أهدافه إذا لم يكن هناك خطة على الأرض وقوات برية لتطبيقها، فاليمنيون بحاجة لقوات برية تتولى تدريبهم وتأهيلهم وتجميعهم لتشكيل قوى منظمة وبقيادة عسكرية موحدة ومؤوهلة تتولى تثبيت نتائج الضربات الجوية -فهل تحقق أمل ذلك- فغياب الرؤية الإستراتيجية والبعيدة المدى يجعلنا نعتقد بأن عملية الحزم لم تحقق طموحات الشعوب العربية بأكملها، فإيران لديها مشروع واضح ومحدد وتعمل على تحقيقه ولا تخجل ولا تستحي من طرحه على الملأ، تُرى لماذا نحن العرب لسنا كذلك ؟ هناك فارق كبير بين القتال من أجل هدف محدود وبسيط وجزئي وبين مشروع توسعي استيطاني احتلالي مبني على أهداف وثوابت ثورة عام 1979 الإيرانية
الشعوب العربية شبعت تخاذلاً وخيانة من بعض الأنظمة العربية التي تدعي العروبة نهاراَ وتعمل ضدها ليلاً، هناك عقدة لم تتخلى عنها القيادات العربية وهي الخوف والخوف من أوهام ليس إلا فعقدة الخوف هذه يجب أن تكسر – الشعب السوري كسرها وتجاوزها- فالأمة اليوم اتحدت واجتمعت وأيدت هذا الحلف لكنها تنتظر منه مشروعاً عربياً واضحاً لا لبس فيه كي يتصدى للمشروع الفارسي الإيراني في المنطقة بهذا تنتصر الأمة وتبقى ملتفة وواقفة وراء هذا الإنجاز ولكن وللأسف الشديد يبدو بأن هذا الحلف سينفرط عقده لإنه لايحمل في طياته مشروعاً بل يحمل في أعماقه خوفاً لا مبرر له وتذبذب المواقف لبعض الدول العربية وغيرها يقودنا الى هذا الإستنتاج، إيران لا تخاف من سلوكها ومشروعها الفارسي الصفوي في المنطقة وقد تبجح بذلك أكبر مسؤوليها، فالمواطن العربي أدرك خطر هذا المشروع الصفوي على أمنه واستقراره وهو على استعداد تام لمواجهته وإن لم يكسر الحكام العرب حاجز الخوف ويتحملون مسؤولياتهم فستبقى الشعوب العربية وحكامها يدورون في حلقةٍ مفرغة
أتمنى على قادة دول الخليج العربي أن يعوا خطورة المرحلة التي نعيشها فالتردد والخوف من الوهم لايصنع نصراً وغياب المشروع الاستراتيجي والخطة الكاملة لتنفيذه يفقد الأمة العربية ذاتها ووجودها ويجعلها متناثرة ومفككة وهزيلة ومتنقلة من وهنٍ إلى وهن أخر، فسورية إلى اليوم تباد وتدمر ويقتل شعبها ويهجر بسبب غياب الرؤية لدى الحكام العرب لتنظيم ومساعدة السوريين على التنظيم وإفراز قيادات تكون على مستوى الحدث ومقبولة دولياً واكتفى الأشقاء العرب من الداعمين بترك الأمور تجري وفق هوى الجميع فغرقت سورية في بحرٍ من الفوضى وانزلقت الثورة في الإتجاه المدمر والذي أطرب النظام السوري وداعميه.