
تدرس أستراليا استخدام الحظر الحيوي المفروض على بعض لحوم الأبقار الأمريكية المذبوحة داخل الولايات المتحدة كورقة تفاوضية خلال محادثات الرسوم الجمركية مع أمريكا، في وقت يستعد فيه رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي لعقد اجتماع مرتقب مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وكان قد تم رفع الحظر الشامل على واردات لحوم الأبقار الأمريكية إلى أستراليا في عام 2019، إلا أن القيود لا تزال قائمة على الأبقار الكندية والمكسيكية التي تُذبح في الولايات المتحدة. وتُجري أستراليا حاليًا مراجعة لتلك القواعد الحيوية، استجابة لطلب سابق من إدارة ترامب لرفعها.
ووفقًا لمصدر حكومي مطّلع تحدث إلى هيئة الإذاعة الأسترالية (ABC)، فإن لحوم الخنزير لا تزال محظورة بسبب مخاطر بيولوجية عالية، لكن لحوم الأبقار تُستخدم الآن كورقة مساومة لإعادة ضبط العلاقات التجارية، بعد أن فرضت الولايات المتحدة رسومًا قاسية على الصادرات الأسترالية، شملت رسومًا بنسبة 50% على الفولاذ والألمنيوم، و10% على جميع المنتجات الأخرى.
وترى الجهات الرسمية أن من الممكن إجراء تغييرات تنظيمية محدودة دون الإخلال بسلامة الغذاء في أستراليا، على الرغم من توقع اعتراضات من جماعات المزارعين المحليين. من جهته، أكد كريس باركر، رئيس مؤسسة “Cattle Australia”، أن لحوم الأبقار أصبحت “قضية محورية” بالنسبة لإدارة ترامب، لكنه شدد على ضرورة أن يُثبت الجانب الأمريكي قدرته على تتبع الأبقار الكندية والمكسيكية لتقليل المخاطر.
ومن المتوقع أن يلتقي رئيس الوزراء الأسترالي بالرئيس ترامب على هامش قمة مجموعة السبع المقبلة في كندا، وستكون التجارة من بين أبرز الملفات المطروحة للنقاش. وعلى الرغم من أن هذا اللقاء لن يسفر على الأرجح عن اتفاق نهائي، إلا أنه قد يمهد الطريق لجولات أخرى من المفاوضات التجارية.
يُذكر أن الولايات المتحدة سبق أن أدرجت القواعد الحيوية ضمن قائمة شكاويها التجارية من أستراليا. وكان ألبانيزي قد أكد خلال الحملة الانتخابية الأخيرة أن هذه المسائل غير قابلة للتفاوض، قائلاً في الأول من أبريل: “ليس في عهدي. سنتفاوض بعقلانية، لكن لن نُضعف نظام الأمن الحيوي”.
وفي تصريحات يوم الجمعة، جدّد رئيس الوزراء موقفه قائلاً إن أي اتفاق حول الرسوم لن يتم على حساب نظام الحماية الحيوية في البلاد، مضيفًا: “إذا أمكن حل الأمور بطريقة تحمي الأمن الحيوي، فبالطبع نرحب بذلك. لا نقول لا للواردات لمجرد الرفض، لكن أولويتنا الأولى هي الأمن الحيوي، ولن تكون هناك تنازلات في هذا الشأن”.
وفي رد على تقارير نشرتها صحف “ناين”، وأكدتها هيئة الإذاعة الأسترالية، صرّحت السناتورة الوطنية بريدجيت ماكينزي لقناة سكاي نيوز بأن صناعة لحوم الأبقار الأسترالية، التي تُقدّر بمليارات الدولارات، لا ينبغي أن تُستخدم “كبيادق” في المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة.
وقالت ماكينزي: “علينا اتخاذ قرارات بشأن استيراد لحوم الأبقار بناءً على تقييمات علمية لمخاطر الأمن الحيوي، وليس بناءً على صفقة تجارية مشروطة أو تفاوض غير متكافئ مع الولايات المتحدة”.
من جانبه، شدد المتحدث باسم التجارة في الائتلاف، كيفن هوغان، على ضرورة عدم التهاون في قوانين الأمن الحيوي، مؤكدًا أن أي قرار يجب أن يُبنى على “تقييمات علمية صارمة وليس على ضرورات سياسية”.
أما زعيم الحزب الوطني ديفيد ليتلبراود، فصرّح بأن لحوم الأبقار الأمريكية القادمة من المكسيك وكندا “تشكل خطرًا محتملاً على صناعتنا، وتجاهل هذه المخاطر سيكون تصرفًا متهورًا”. وأضاف أن على أستراليا أن تستفيد من العلاقات التاريخية القوية مع واشنطن، لا سيما في مجالات مثل المعادن الحيوية وتحالف AUKUS، بدلًا من تعريض قطاع اللحوم للخطر.
يُذكر أن أستراليا لم تستورد أي شحنات من لحوم الأبقار الأمريكية منذ رفع الحظر في عام 2019. وصرّح متحدث باسم مجلس صناعة اللحوم الأسترالي أن الولايات المتحدة قدمت طلبًا فنيًا نشطًا لتوسيع وصول لحومها إلى السوق الأسترالية، وأن هذا الطلب يخضع حاليًا لتقييمات علمية معتادة وفقًا لمعايير السلامة الغذائية والأمن الحيوي في أستراليا.
وأشار كريس باركر إلى أن قطاع لحوم الأبقار الأسترالي لديه “شرط بسيط” يتمثل في أن تثبت الولايات المتحدة قدرتها على توفير نظام تتبع مشابه لما هو معمول به في أستراليا، قبل السماح بأي استيراد. وأضاف: “إنهم يطالبوننا بتقديم هذا المستوى من التتبع عندما نُصدر لحومنا إليهم، ومن غير المعقول ألّا نطلب نفس المعيار منهم”.
وأكد باركر أن مؤسسته على تواصل مستمر مع الحكومة الأسترالية حول هذه المسألة، وأنهم لا يرغبون في أن يتم التنازل عن المعايير العلمية مقابل دخول تفضيلي للسوق. ورغم أن لحوم الأبقار الأمريكية أغلى حاليًا ولا تشكل تهديدًا كبيرًا من الناحية التجارية، فإن لها بعدًا رمزيًا مهمًا لدى إدارة ترامب.
وختم بالقول: “من وجهة نظري، أصبحت هذه المسألة قضية رمزية بالنسبة للولايات المتحدة. إنهم يرون أننا من بين الدول القليلة التي لا تستورد لحومهم، رغم أننا فعلًا نستوردها. أعتقد أن الأمر أصبح مسألة كرامة وطنية بالنسبة لهم”.
وأكدت وزيرة الزراعة الأسترالية جولي كولينز أن الحكومة لن “تتنازل” عن الأمن الحيوي، وأن أي قرار بشأن توسيع استيراد لحوم الأبقار الأمريكية سيُتخذ استنادًا إلى “العلم والأدلة”.