
سحب السلاح الفلسطيني في لبنان:
عون يحدّد منتصف حزيران موعد البدء
وتساؤلات جوهريّة حول “إعلان بيروت”
ذكرت مصادر القصر الجمهوري في بعبدا أنّ رئيس الجمهورية جوزاف عون قد أعلن عن البدء بتنفيذ ما جرى الإتفاق حوله من جمع السلاح الفلسطيني في لبنان (إعلان بيروت بين الرئيسن عون والفلسطيني محمود عباس) في منتصف شهر حزيران القادم، على أن يبدأ بالمخيمات التي للسلطة الفلسطينية وحركة “فتح” تأثير ونفوذ.
وصحيح أنّ منظمة التحرير -بما فيها حركة “فتح” – قد أعلنت استعدادها لتسليم السلاح داخل المخيمات على ثلاث مراحل تشمل مخيمات بيروت، ثم البقاع والشمال، وأخيراً الجنوب. إلا أنّ هذه المبادرة لم توحّد الصف الفلسطيني، بل فجّرت انقسامات حادة، خصوصاً من قبل فصائل خارج المنظمة التي سارعت إلى عقد اجتماعات مفتوحة بهدف الخروج بموقف موحّد إزاء ما سمّي “إعلان بيروت”. تساؤلات جوهرية تُطرح هنا تساؤلات محورية: بأي صفة سياسية وأمنية أطلق “أبو مازن” هذه المبادرة؟ وهل يحق له التفاوض باسم مجموعات مسلّحة لا تنضوي تحت قيادته أو دون علمها؟ وما مدى قدرة السلطة الفلسطينية -التي تعاني من تآكل داخلي في الضفة الغربية وتسعى للسيطرة على غزة- على فرض ترتيبات أمنية في مخيمات لبنان؟ وهل تملك مثلاً سلطة فعلية على فصائل “فتحاوية” مستقلة وقوية داخل المخيمات؟ المسألة لا تتعلق فقط بـ”من يسلم السلاح”، بل بـ”أي سلاح” سيتم تسليمه. بحسب ما تم التوافق عليه مبدئياً، ستحدد منظمة التحرير منطقة معينة لتجميع السلاح داخل المخيم، يُنقل لاحقاً إلى موقع خارجه يتم الاتفاق عليه مع الجيش اللبناني، الذي يتولى توثيق الموجودات ونقلها. لكن العقدة تكمن في نوعية السلاح: الدولة تطالب بأن يشمل التسليم جميع أنواع الأسلحة، من الفردية إلى الثقيلة، بما فيها قذائف الهاون، الـ”آر بي جي”، والصواريخ على أنواعها (محمولة أو ثابتة). حتى اللحظة، لم تُقدَّم أي لوائح أو خرائط رسمية إلى الجهات اللبنانية بشأن كميات السلاح أو آليات التسليم، وسط قناعة متزايدة بأن ما سيُسلَّم لن يكون ذا قيمة فعلية ربطاً بالوضع الراهن، حيث لا يمكن أن تقوم “فتح” مثلاً في تسليم سلاحها بينما يبقى السلاح في أيدي “حماس” أو التنظيمات الإسلامية! ويُضاف إلى ذلك بند بالغ الأهمية يتعلق بتشكيل لجنة “تقصّي حقائق” (وهو مطلب لبناني)، الهدف منه إجراء عملية فحص للمواقع التي يُعلن عن تفريغها، والتأكد من خلوّها من السلاح فعلياً..
“إعلان بيروت” يفتح وضع السلاح على مصراعيه، وليس من السهل التنبّؤ بما تحمله الأيام، على وقع الضغوطات الأميركية المتزايدة على الدولة اللبنانية، ووقع ضغوطات إيران على حزب الله بعدم التسليم قبل “تطبيع العلاقات مع واشنطن”!