نفت دمشق وجود مفاوضات مباشرة مع الجانب الإسرائيلي، خلافاً لما كشفت عنه وكالة “رويترز”، التي نقلت عن خمسة مصادر أن إسرائيل وسوريا على اتصال مباشر، وعقدتا خلال الأسابيع الأخيرة اجتماعات وجهاً لوجه تهدف إلى تهدئة التوترات ومنع نشوب نزاع في المنطقة الحدودية.

 

ونفى العميد أحمد الدالاتي، قائد الأمن الداخلي في محافظة السويداء، بشكل قاطع مشاركته في لقاءات تفاوضية مباشرة مع مسؤولين إسرائيليين، مؤكداً أن هذه الادعاءات “لا أساس لها من الصحة وتفتقر إلى الدقة والصدقية”.

 

وقال الدالاتي، في تصريح لقناة “الإخبارية السورية”، مساء الثلاثاء، إنه ينفي بشكل قاطع مشاركته في أي جلسات تفاوضية مباشرة مع الجانب الإسرائيلي، وأضاف: “القيادة السورية تواصل اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لحماية الشعب السوري والدفاع عن وحدة أراضي الجمهورية وسيادتها، باستخدام كافة الوسائل المشروعة”.

 

وتولى الدالاتي، على ما يبدو، مهمة النفي لأن تقرير “رويترز” أشار إليه بالاسم كقائد لعملية التفاوض المباشر مع الوفد الإسرائيلي. واعتبرت أوساط سياسية سورية أن نفي الدالاتي أعاد التأكيد على الموقف الرسمي السوري الرافض أي تواصل مباشر مع إسرائيل خارج إطار قرارات الشرعية الدولية.

 

 

 

وفي الواقع، ورد اسم الدالاتي قبل تقرير “رويترز” في تسريبات محلية تداولها بعض الأوساط السورية، تحدثت عن مفاوضات مباشرة مع إسرائيل منذ أواخر نيسان/أبريل الماضي، إلا أنه لم يكن بالإمكان إثبات ذلك بشكل قاطع، رغم أن مدير “المرصد السوري لحقوق الإنسان” رامي عبد الرحمن أكد وجود هذه المفاوضات حينها من دون أن يذكر أسماء محددة.

 

وكان الدالاتي يشغل آنذاك منصب محافظ القنيطرة، بعد أن تولى لفترة قصيرة منصب نائب محافظ دمشق. وقد استندت التسريبات المحلية إلى شغله هذا المنصب، لتؤكد مشاركته في المفاوضات التي أجريت على أطراف القنيطرة الحدودية مع إسرائيل.

 

لكن ما أثار الاستغراب حينها هو أن الدالاتي ليس من قادة “هيئة تحرير الشام”، بل ينتمي فعلياً إلى حركة “أحرار الشام الإسلامية”، ومع أنه كسب ثقة أحمد الشرع منذ سنوات بسبب دعمه للجناح الموالي للهيئة داخل “أحرار الشام”، والذي كان يقوده حسن صوفان، عضو لجنة السلم الأهلي حالياً، فإن مهمة التفاوض مع إسرائيل تُعد شديدة الحساسية أمنياً وسياسياً، ما جعل من المستبعد لدى المراقبين أن يُكلّف بها شخص من خارج الهيئة.

 

ثم جاء نقل الدالاتي من منصب محافظ القنيطرة وتكليفه منصباً أمنياً بحتاً هو مدير الأمن الداخلي في محافظة السويداء، ليزيد من تعقيد المشهد. إذ ذهب بعضهم إلى اعتبار أن هذا النقل جاء خطوة عملية من “الإدارة السورية الموقتة” لنفي أي دور له في التواصل مع إسرائيل.

 

في المقابل، اعتبر آخرون أن نقله إلى السويداء، وهي محافظة تعرّضت لكثير من الأقاويل عن أدوار إسرائيلية فيها، يُعد تأكيداً على المهمة التي اضطلع بها، ويسهّل له مهمة التواصل مع إسرائيل، نظراً الى الدور المركزي الذي تلعبه المحافظة في سياسة تل أبيب حيال دمشق، ليس لكونها جزءاً من المنطقة الجنوبية التي تسعى الدولة العبرية لتحويلها إلى منطقة منزوعة السلاح فحسب، بل أيضاً بسبب تعهدات إسرائيل المتكررة حماية أبناء الطائفة الدرزية واعتبار ذلك من أولوياتها في سوريا.