وسط أطلال الحرب العالمية الثانية على شاطئ مدينة غدانسك البولندية، وبين أنقاض حصون مهجورة، عثر صبيان في العاشرة من عمرهما على كنز عاطفي نادر: رسالة حب مكتوبة بخط اليد، محفوظة داخل زجاجة، يعود تاريخها إلى عام 1959، في واقعة أثارت اهتماماً واسعاً على الإنترنت، وتحولت إلى لغز يحاول الجميع فك شفراته، وفقاً لصحيفة «نيويورك بوست».

وبحسب ما أوردته قناة «TVP World» البولندية، فإن الطفلين إيريك وكوبا كانا يلعبان قرب شاطئ ستوجي حين اكتشفا الزجاجة التي قذفتها أمواج بحر البلطيق. كانت الزجاجة محكمة الإغلاق، وداخلها ورقة باهتة الحبر، لكنها لا تزال قابلة للقراءة بعد مرور 66 عاماً.

الرسالة التي نُشرت لاحقاً عبر موقع

«Trojmiasto.pl»

المحلي، كُتبت بلغة بولندية سلسة، مليئة بالعواطف الجياشة.

الكاتبة، وتُدعى ريسيا، دوّنتها أثناء مشاركتها في دورة صيفية بمدينة تارنوف، الواقعة على بُعد نحو 700 كيلومتر من المكان الذي استقرت فيه الزجاجة أخيراً.

وفي الرسالة، تتوجه ريسيا بكلماتها إلى حبيبها الذي خاطبته بلقب «أرنبي العزيز»، معترفة بمشاعرها ومشتاقة إلى لقائه. كتبت تقول: «أنا أنانية، لا أكتب سوى عن نفسي، لكنك أنت من يشغل فكري طوال الوقت… كل هدير لدراجة نارية (وهي كثيرة هنا) يوقظ فيّ ذكراك».

الرسالة لم تخلُ من عتاب رقيق، حين عبّرت ريسيا عن وحدتها ومللها: «لديّ الكثير من الوقت للأحلام… يمكنك الذهاب حيث تشاء، أما أنا فأجلس وحدي».

وكشفت الكاتبة عن تفاصيل شخصيتها، مؤكدة أنها خجولة ولا تميل للاختلاط، وأعربت عن رغبتها في العودة إلى الديار، بعيداً عن كل لهو أو تنزّه لا يعنيها.

الرسالة التي واجهت عوادي الزمن وبقيت محتفظة بحرارتها، أشعلت فضول المتابعين، ودفعت كثيرين إلى التساؤل: من كانت ريسيا؟ ومن هو «أرنبي»؟ وهل كُتب لحبهما أن يدوم؟

الصبيان اللذان عثرا على الزجاجة، أبديا اهتماماً كبيراً بالبحث عن جذور القصة، وقالا إنهما تواصلا مع متحف في مدينة تارنوف على أمل العثور على صاحبة الرسالة أو أي من أقاربها.

وحتى الآن، تبقى الرسالة – التي تشبه قطعة زمنية مجمدة في قنينة – مفتوحة على احتمالات متعددة، وتُعيد إلى الأذهان أن الحُب، مهما طال به الزمن، لا يزال قادراً على ملامسة الأرواح.