منذ الدورة الأولى للإنتخابات البلدية والإختيارية، بدأتُ اجمع بعض الملاحظات بعيداّ عن التنافس السياسي أو التوافق.

وما اكتشفته في بعض البلدات والقرى كان أحياناً أسوأ من الخصومات والسجالات السياسية، جين تجلّت العنصرية “الضيعجية” بشكل مستغرب من أقصى الشمال الى اقصى الجنوب؟!.

 

في الدورة الخامسة للإنتخابات في الجنوب، شاهدت مراسلة تسأل مختار مجدليون عن رأيه باللائحتين المتنافستين وكان مرشحاً لفترة جديدة ، ليجيبها:” لائحتنا هي لائحة مجدليون الحقيقية، فنحن مقيمون هنا، وأعضاء اللائحة المنافسة كلهم مقيمون في بيروت وغريبون عن البلدة ولا جود لهم إلا على لوائح الشطب ، لائحتهم هي لائحة البيارتة”!.

صدمني هذا المختار وأراحني في ذات الوقت: صدمني لأن المختار يتحدّث بتنمّر وعنصرية مقيتة عن مواطنين يختم لهم معاملاتهم في الأيام العادية على أنهم من مجدليون ويوم الانتخابات يصبحون بيارتة؟!.

هذا المختار ليس وحده يحمل هذه الذهنية، فهناك كثيرون مثله على امتداد التراب اللبناني.

وأراحني لأنني وجدت مشكلة أن المغتربين كانت أهون من مشكلة “البيارتة”، حيث قال المقيمون في بعض البلدات لمرشحي الإغتراب:” شو جايين يعملوا هون؟!.

المهم ان الانتخابات البلدية الأخيرة تمخّضت عن انتخاب ٩ رؤساء بلديات من الاغتراب وكان لأستراليا حصة مع رئيسين هما توفيق زريقة رئيس بلدية المنية ووسام قزي رئيس بلدية الجية ، ولعل البلديتين الأكبر اللتين انتخبتا رئيساً من الاغتراب هما زحلة مع المهندس المغترب وسام غزالة وعندقت مع رجل الأعمال المغترب طاني حنا. بالإضافة إلى نحو عشرين عضواً بلدياً من الإغتراب من أقضية عكار والمنية الضنية والبقاع الغربي والشوف وزحلة وشرق صيدا.

والمفارقة ان معظم الممتعضين من ترشّح المغتربين كانوا وراء استدعاء أنسبائهم واصدقائهم من الاغتراب لتعزيز حظوظ مرشحيهم.

بمعنى آخر ، مسموح للمغترب ان يدلي بصوته، لكن ممنوع ان يترشّح.

ومسموح للمغترب ان يبني وان يستثمر في بلدته ولكن لا يحق له ان يدلي برأيه!؟ كأنهم يقويون له: “اشتغل وسكوت”!.

نقلتُ نموذجاً صغيراً عن الذهنية التي لا تزال تتحكم باللبناني في زمن الانتخابات وهو يعرف جيداً انه لولا الاغتراب لما كانت بلدات كثيرة تشهد أي إنماء ولكانت عائلات كثيرة تعاني من الضيق..

هذا ليس “تربيح جميلة” ولكن كلمة حق تُقال.

شكرا للبلدات التي كان صدرها رحباً وما زالت تعترف بمواطنية مغتربيها وليس فلوسهم فقط!؟.