قبل ساعات من إقفال صناديق الإقتراع يوم السبت، بقي بيتر داتون يراهن على الفوز، معتقداً أن الأكثرية الصامتة من الأستراليين ستصبّ أصواتها لصالح الأحرار.

ومساء السبت ، بعد إقفال صناديق الإقتراع، أطلّ داتون على الشاشات معلناً في خطاب الإعتراف بالهزيمة :”لم نقم بعمل جيد بما فيه الكفاية خلال هذه الحملة، وهذا واضح الليلة”.

هل ما اكتشفه بيتر داتون في خطاب التسليم بالخسارة، سهى عن كل نواب وقادة الأحرار في أستراليا، الذين بمعظمهم كانوا يهزّون رؤوسهم بالموافقة حتى ولو كان رأيه لا ينسجم بالكامل مع قناعاتهم؟.

يوافقون حتى لو دعا زعيمهم الى طرد المتظاهرين الداعمين لأهل غزّة الى خارج البلاد.

يوافقون حتى عندما يتعامل بمكيالين في الإعتداءات التي طالت أماكن العبادة اليهودية وتلك الإسلامية علماً أن الإعتداء هو اعتداء وأن المواطن هو مواطن بصرف النظر عن لونه ودينه.

يوافقون حتى ولو أصرّ على معاملة الشعب الأبورجيني وكأنه دخيل على أستراليا، ولا ننسى هجومه على البانيزي الذي نظّم استفناء “الصوت” لمنح الأبورجينيين ولو مجلساً شكلياً لإبداء رأيهم بالقضايا الأسترالية.

كل فئة في المجتمع الأسترالي كانت لها أسبابها للإبتعاد عن داتون: العرب لن ينسوا دعمه المطلق لنتنياهو، والأسيويون مغتاظون من دعوته الى تقليص الهجرة بنسبة 25 بالمئة، والأبورجينيون يشعرون كلما تحدث داتون عنهم كأنهم قادمون من كوكب آخر وأنهم عبء على أستراليا، والمتقاعدون والذين سيتقاعدون قريبأ تولّدت لديهم نقزة عندما علموا أنه في برنامج الأحرار يحق لهم بالسفر  إلى الخارج لأربعة أسابيع فقط مدفوعة حتى ولو كانوا عملوا طيلة حياتهم ودفعوا الضرائب كاملة. وهؤلاء ليسوا اثنيين وحسب بل هم من الأستراليين الانكلوساكسون الذين لا يسمحون لأحد أن يمسّ رفاهية عيشهم.

لقد ظهر بيتر داتون ليس قبل الحملة الإنتخابية فقط، بل منذ تسلّمه زعامة المعارضة كأنه زعيم على نصف الأستراليين، ويخاطب نصف الأستراليين وكأنه غير مطلع على التغيير الديمغرافي في هذه البلاد. حتى وصل الى يوم الإقتراع ليكتشف أن النصف الذي كان يؤيده أصبح ربعاً؟.

بيتر داتون اعلن انه سيطرد 41 ألف موظفاً فيدرالياً لتغطية موازنته وسيمنع كل الموظفين من العمل من المنزل وسيلغي مصرف الإسكان.,

بيتر داتون “الشاطر” في الأرقام وشراء العقارات، لم يحسبها جيّدا في التعامل مع مواطنيه، كما لم يتجرّأ أحد من المحيطين به ان يلفت نظره وأن يحدّ من مغالاته.

بسيطة ليست المرّة الأولى التي يخسر فيها زعيم أحراري مقعده، وما فعلته آلي فرانس ( الصورة) يوم السبت بإبعاد بيتر داتون عن مقعد ديكسون في كوينزلاند، فعلته الصحافية مكسين ماكيو سنة 2007 عندما أزاحت جون هاورد عن مقعد بينيلونغ في نيوساوث ويلز.

وأخيرأً، حاول داتون أن يكون شبيهاً لترامب، ولم يفطن أن أستراليا ليست أميركا و أن الأسترالي لا يسمح لأحد أن يتجاوز عتبة حقوقه بلا استئدان بصرف النظر عن انتمائه الحزبي؟!.