ج وهبه – لبنان

صحيح أنّ الغلبة في المشهد البلدي الإنتخابي تبقى للعائلات والعشائر والطوائف والأفخاذ والحزازات الشخصيّة، ولكن لا بدّ من وجود “أصبع نيابي” في كلّ معركة، وأحياناً قد تكون المعركة مكشوفة بالكامل على الإستحقاق النيابي القادم في أيّار 2024، كما هي حال المنية مثلاً، التي يمكن أن يضاف إليها “مفعول رجعي” يتمثّل في الثأر من فوز النائب أحمد الخير غير المتوقّع..ويقود عمليّة الثأر، هذه المرة، النائب السابق عثمان علم الدين، وسط حياد النائب السابق كاظم الخير الحائر بين “خصمين لدودين”، ومع دعم لافت من الحاج كمال الخير، إضافة الى البيان الذي أصدره رجل الأعمال أحمد الدوري علم الدين بتأييد لائحة “معاً ننهض” التي يرأسها المحامي بسّام الرملاوي، علماً بأنّه كان من داعمي حملة النائب الخير في الدورة النيابية الماضية.

هذا في العناوين السياسية للمعركة البلدية المحتدمة في المنية (بلغ عدد المرشحين 59، توزّع منهم 42 على لائحتين حيث يبلغ عدد المقاعد 21، فيما الباقون وهم 17 مرشّحاً قد ينسحب البعض، ويسجّل البعض حضوراً منفرداً..)..وأمّا في النقاط، فلكلّ لائحة عناصر قوّتها وعناصر ضعفها وِفق التصوّر الآتي:

-لقد نجح النائب أحمد الخير في استقطاب العائلة الكبيرة (زريقة) من خلال تبنّي ترشيح رجل الأعمال المغترب توفيق زريقة (حفيد رئيس البلدية الأسبق الراحل توفيق زريقة)، ما يجعل لائحة ” قرار الغد” التي يرأسها تحظى بثقل من الأصوات، ربّما يضاهيه شبه إجماع عائلة علم الدين على التصويت لصالح اللائحة المنافسة.

-بالنسبة لمنطقة النبي يوشع التي تتمثّل دائماً بموقع نائب الرئيس، يمكن القول أنّ انسحاب نائب الرئيس السابق علي محيش من السباق يصبّ لصالح المرشح عبد الحكيم قاسم على لائحة (معاً ننهض) بتوحّد عائلات قاسم ومحيش والسيّد أحمد حوله، فيما ترشّح على اللائحة المنافسة كنائب للرئيس إبن عائلة الدهيبي أحمد خضر الدهيبي مدعوماً من آل الحلّاق.

-إنّ رئاسة إتّحاد بلديات المنية (وهو يضمّ إلمنية إلى بلدات بحنين، مركبتا، دير عمار وبرج اليهودية) طالما شكّل عنصر جذب لممثلي العائلات.وإذ عُلِم أنّ لائحة رملاوي قد اختارت المهندس حسام أحمد ملص كي يتبوّأ هذا المركز في حال الفوز، غاب عن لائحة زريقة رئيس الإتحاد المفترض.وهنا لا بدّ من الإشارة إلى ترشّح أحد أبناء ملص (ابراهيم ملص) في اللائحة الأخرى، ما يشكّل بعض الإنقسام في العائلة الواحدة.

-التمثيل المسيحي في اللائحتين شمل 4 مرشحين:سميح قليمه ورياض الحولي وماجد الحايك على لائحة “معاً ننهض” ومرشّح واحد هو زياد نزيه البيطار على لائحة “قرار الغد”..والسؤال:هل يشكّل ترشيح 4 من عائلات مختلفة دفعاً للطائفة المسيحية (وهي بأكثرية أرثوذكسية) للتوجّه بكثافة إلى صناديق الإقتراع؟

في المنية طالما لعب الصراع التاريخي بين العائلات الكبيرة (علم الدين، زريقة، الخير..) والعائلات الصغيرة دوراً كبيراً في التوجّهات الإنتخابية، ما أوصل المحامي الراحل (إبن العائلة الصغيرة) محمود طبّو إلى قبّة البرلمان، فهل من بوادر مماثلة عشيّة الإستحقاق البلدي الداهم، وهل لتحالف أحمد الخير – توفيق زريقة تأثير في ذلك، يمكن أن يستفيد منه رئيس اللائحة المنافسة بسّام رملاوي كإبن عائلة صغيرة، أم أنّ الصراع السياسي – النيابي يلغي هذه الحالة، كما يمكن أن يخفّف من غلوائها توزّع أبناء العائلات الصغيرة على اللائحتين؟

نتائج بلدية المنية سيكون لها بالتأكيد تأثير بارز على الإستحقاق النيابي القادم، لا بل هي إمتحان عسير للنائب الحالي الذي نجح في أداء دوره النيابي، كما هي إمتحان للنائب السابق في قدرته على إعادة الإمساك بميزان القوى في مدينة رفيق الحريري، خاصّة إذا ما استمرّ التشدّد السعودي في ضبط (أو منع) الحراك السياسي للرئيس سعد الحريري!