ج وهبه

بعد أن خرج الدكتور خلدون الشريف من واجهة التنافس البلدي في مدينة طرابلس، محمّلاً المسؤوليّة – في بيان إعلان إنسحابه – للسياسيين الذين لا يعرفون ماذا يريدون، وبأنّه لم يجد لديهم القرار الكافي بإيصال مجلس بلدي متجانس، يمثّل كلّ شرائح المدينة، حيث أنّ الجهد الذي أظهروه لا يمنع من إختراق اللائحة المفترضة بما يسيء إلى “الصورة المتنوّعة” التي لا بدّ أن يطلّ بها على المجتمعين العربي والدولي.

وفيما يبدو أنّ دفّة التوافق قد انتقلت إلى المهندس أحمد مصطفى ذوق (أسّس شركات عديدة في طرابلس ولبنان، منها الشركة التي نفّذت البنى التحتية في معرض رشيد كرامي، ومدير تنفيذي في شركة المراعي السعودية، إضافة إلى الإشراف على أعمال مختلفة، ومنها راهناً في باريس – فرنسا) الذي ينكبّ على تشكيل لائحته، إلّا أنّ ذلك لا يعني أنّ هناك “مظلّة سياسيّة توافقيّة”، خاصة بعد ما أدلى به النائب أشرف ريفي، إذ جاء في كلامه:”إنّهم كسياسيين لن يكرّروا تجربة الدكتور خلدون الشريف بتشكيل لائحة توافقية تحظى بإجماع أبناء المدينة بمختلف انتماءاتهم.. حاولنا ان نقوم بهذه الخطوة، لكننا فشلنا في ذلك وعليه لا داعي لتكرار نفس السيناريو”.

وأضاف:”أنا بإنتظار عودة النائب فيصل كرامي لاتّخاذ الموقف المناسب. لكنّ الخيار الأقرب لدينا هو ترك الحرية للجميع بتشكيل لوائحهم من دون أيّ تدخّل، ثمّ بعد ذلك وفي حال أسعفنا الوقت نعمل على محاولة التوفيق بين لائحتين أو أكثر، وإلّا فإننا سنكون أمام خيارين:أمّا إعطاء الحرية بالإقتراع لمن يرونه مناسبًا، أو توجيه المناصرين نحو اللائحة الأقرب لنا و لتوجهاتنا”.

إذاً، يمكن القول أنّ ريفي قد سار على خطى كلّ من الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي في الإنكفاء. وإذا كان للرئيسين “عذر الفيتو السعودي”، فما هو السبب الذي يدفع ريفي الذي يفترض به أن يقود المدينة إلى برّ الأمان والتنمية (قدر المستطاع) من خلال الدفع بقوّة لإيصال مجلس متجانس قوي فعّال، بأن ينسحب من الساحة والمسؤولية، تاركاً التصويت “لمّن يرونه مناسبا”:فهل يعتقد اللواء ريفي أنّ الفراغ الذي سيتركه سيملأه المناسبون أو جماعة “من كلّ وادٍ عصا”.

وفيما يجري العمل على تشكيل اللوائح في المدينة، لفت ترشيح الرئيس الحالي للبلدية (الحقبة الأسوأ في تاريخ العمل البلدي في طرابلس) الدكتور رياض يمق، وهو يعجز عن عقد إجتماع واحد مكتمل النصاب بسبب خلافاته التي لا تنتهي مع معظم الأعضاء..والسؤال:ألا يخجل يمق من العودة الى الترشح..وعلى ماذا يستند في هذا الترشيح؟ وكذلك فعل عضو المجلس (وهو لعدّة مرّات نجح في العضوية) أحمد المرج ببيان “يتهجّم فيه على السعودية” من باب تدخّلها المزعوم في ترتيب اللوائح!

أمّا اللوائح المتوقّع إعلانها تباعاً، فهي:

-لائحة “للفيحاء” وهي تمثّل المجتمع المدني الذي انتفض في 17 تشرين الثاني 2019 وأوصل الدكتور رامي فنج باسم التغييريين إلى المجلس النيابي، وذلك قبل تبدّله إثر حدوث أمرين:

الأوّل، إسقاطه من قبل المجلس الدستوري لمصلحة النائب فيصل كرامي.وهو دون شكّ “قرار سياسي” في ظلّ هيمنة حزب الله على السياسة والقضاء آنذاك.

الثاني، سقوطه الذاتي بعد تخلّيه عن المسيرة التغييريّة، والتحاقه (جمعية إنتفض) بلائحة جمعية “عمران” ذات الصبغة الإسلامية.

يرأس اللائحة الناشط سامر دبليز، وتضمّ حتّى الساعة كلّاً من توفيق علوش، نذير حلواني، رانيا عصام الجمل، المهندس مصباح رجب والمهندسة مروة عبد السميع ملقي.

-لائحة “عمران” وعدد من الجمعيات المشابهة، وقد أطلقت لائحة “نسيج طرابلس” وتضمّ عدداً من المهندسين منهم وائل زمرلي، طه ميقاتي ومصطفى فخر الدين.وتحظى بدعم النائب إيهاب مطر الذي نجح في إطلاق لائحة مكتملة (الميناء أولاً) برئاسة المهندس فادي السيّد وتضمّ 21 عضواً.

-لائحة مدعومة من “حرّاس المدينة” برئاسة الدكتور خالد عمر تدمري، وتحظى بدعم الجماعة الإسلامية.

-لائحة برئاسة العميد المتقاعد محمد فوال، وتتعرّض لحملة سياسية شعبية بسبب تقارب العميد فوال مع رجل الأعمال طارق فخر الدين صاحب منتجع البالما.

كما يمكن للوائح أخرى غير مكتملة تظهر للعلن، حيث أنّ القانون الإنتخابي المعمول به يسمح بالترشيح الفردي.

أمّا المقلق في المشهد الإنتخابي الراهن هو إمكانية توزّع ال 24 عضواً على جميع اللوائح، ما يجعل المجلس الجديد عرضة للخلافات والإستقالات، وصولاً إلى حلّه وتسلّم زمام شؤونه من قبل المحافظ، وتكون طرابلس، مرّة أخرى، قد فوّتت عليها “فرصة ذهبيّة”!