
في خطوة مفاجئة، حطت طائرة خاصة في مطار بغداد الدولي عاد فيها رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي، بعد أكثر من عامين ونصف على خروجه من البلاد، ما أثار كثيراً من التكهنات.
وتزدحم أجندة الكاظمي باللقاءات السياسية والإعلامية وبزيارات لشخصيات مهمة بينها مقتدى الصدر ومحمد الحلبوسي، بحسب قول مصادر خاصة، ذكرت أيضاً أنه يمتلك قنوات ومنصّات ظلّ إعلامية، أخذت تنشط بقوة خلال اليومين الأخيرين.
وقال الكاظمي من منزله في منطقة الجادرية، وسط العاصمة بغداد، لإحدى المحطات التلفزيونية القريبة من فصائل الحشد الشعبي، إنه يريد “خدمة ناسنا”، في إشارة إلى نشاط سياسي مرتقب، مع قرب الانتخابات البرلمانية المقرّرة نهاية العام الحالي.
واستقبل الكاظمي، يوم أمس، زعيم “تيار الحكمة” السيد عمار الحكيم الذي هنأه بالعودة إلى العراق.
وقالت المصادر الخاصة لـ”النهار” إن وجود الكاظمي في بغداد قد يعكس رغبة الأطراف المقربين من إيران الذين يدركون أن رئيس الوزراء السابق يحظى بعلاقة جيدة مع فريق إدارة الرئيس الأميركي العائد دونالد ترامب.
وواجه الكاظمي عندما كان رئيساً للوزراء محاولة اغتيال عندما تعرّض منزله لقصف بعدد من صواريخ الكاتيوشا، كما تلقى اتهامات بالتواطؤ في اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني والقيادي في الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، مطلع عام 2020، وأيضاً تهديدات بالقتل.
ولفتت المصادر إلى أن حكومة محمد شياع السوداني لم تتمكن من ضبط إيقاع العلاقة مع إدارة ترامب التي تنتظر من العراق تقويض النفوذ الإيراني، وفقاً لتصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الذي لوّح في اتصال مع السوداني، أول من أمس، باحتمال تعرّض العراق وشخصيات في الإطار التنسيقي (الشيعي) لعقوبات اقتصادية أميركية.
وتؤمن بعض القوى المدنية والليبرالية في العراق بالمشروع السياسي الذي قاده الكاظمي بعد استقالة عادل عبد المهدي من منصبه عام 2019.
وتولى الكاظمي منصب رئيس وزراء العراق خلال الفترة من 7 أيار (مايو) 2020 إلى 27 تشرين الأول (أكتوبر) 2022.
ويطرح الباحث السياسي غالب الدعمي قراءات عدة لعودة الكاظمي إلى بغداد، مشيراً إلى أن العراق يمر بأزمة حقيقية، وبالتالي يمكن للكاظمي أن يكون طرفاً في تهدئة الوضع.
ويذكّر الدعمي بأن الكاظمي كان يحظى بعلاقات جيدة مع إيران التي كانت راغبة في منحه ولاية ثانية، لكنه واجه مقاومة عراقية، لافتاً في المقابل إلى أنه تربطه علاقة “متينة” بالولايات المتحدة، وهو أقرب الى فريق ترامب الجديد.
ويرى الدعمي أن عودة الكاظمي إلى بغداد يرحّب بها جميع الأطراف العراقيين “وربما تكون عامل تهدئة بين الفرقاء السياسيين العراقيين وإيران من جهة، وأميركا من جهة أخرى”.
ولا يستبعد الدعمي أن يتحوّل الكاظمي الى “مرشّح ساخن” لرئاسة الوزراء في الدورة المقبلة، بدعم إيراني ـ أميركي.
ويخلص إلى أن إيران كانت خبرت الكاظمي كثيراً في مواقف مختلفة، وقد أثبت لها الولاء والاهتمام.
وكانت شبكة “دايفيسكورس” الأميركية المعنيّة بالتحليلات، قد قالت إن الكاظمي تلقى دعوة من الحكومة العراقية لاستغلال علاقته الإيجابية مع الأميركيين، بهدف معالجة المشاكل الاقتصادية التي تهدّد استقرار العراق.
لكن عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي النائب مختار الموسوي، طالب بإلقاء القبض عليه، على خلفية اتهامات له ولمكتبه بالوقوف وراء ما يعرف بـ”سرقة القرن” (سرقة مليارين ونصف مليار من الأمانات الضريبية العراقية)، وبالتواطؤ في اغتيال المهندس وسليماني.
وقال الموسوي لـ”النهار” إن الكاظمي لا يحمل أيّ ثقل سياسي أو شعبي، معتبراً أن وجوده في بغداد “يعكس ضعف الحكومة الحالية”.