أنطوان القزي
في حفل تكريم قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون الذي أقامته المؤسسة الإعلامية على شرفه في شهر أيار سنة 2019 في الدولتون هاوس في سدني. وكنتُ يومها مقدِّم الإحتفال، توجّهتُ الى العماد قائد الجيش قائلاً:” أيها القائد، إن أول جندي لبناني شهيد لم يسقط تحت العلم اللبناني ولا على الأرض اللبنانية، إنه الجندي اللبناني – الأسترالي جوزيف صليبا (23 سنة) الذي سقط تحت العلم الأسترالي مستشهداً في 25-4-1916 في فيليه بروتونو في فرنسا على يد الجنود الألمان يوم كان يحارب في صفوف الجيش الأسنرالي من ضمن أكثر من 500 شاب لبناني- أسترالي انخرطوا في تلك الحرب على كل جبهات القتال في أوروبا وآسيا وإفريقيأ”.
ولدى سماعه ذلك لمعت عينا القائد وراح هو وزوجته يصفقان بحرارة.
أعرض ذلك بمناسبة يوم الأنزاك، لأذكّر أبناء جاليتنا أننا جزء من تاريخ البطولات والإستشهاد في أستراليا، ولسنا مجرّد جناة ومرتكبين كما يصوّرنا بعض الإعلام.
لقد سقط لنا شهداء كثرعلى جبهات القتال الأوروبية وفي واقعة غاليبولي وعلى الجبهات الأسيوية وفي بابوا نيوغيني، وسقط منا أسرى في أيدي الألمان واليابانيين. وعلى سبيل المثال الجندي اللبناني فنسنت لحود المولود سنة 1897 الذي شارك في الحربين العالميتين في صفوف الجيش الأسترالي ، وتلاعب بعمره حتى يلتحق بالحرب العالمية الأولى على الجبهة الغربية في “رين كورت”، ليقع أسيراً في يد الألمان سنة 1917 قبل أن يعود إلى أستراليا في 31 آذار مارس سنة 1919 ، وليشارك بعد سنوات بالحرب العالمية الثانية. وماذا أقول عن الجندي ناصيف قيامة الذي استشهد في 15 -11-1917 في بلجيكا، و الجندي فنسنت عبود الذي استشهد في 8 آب أغسطس سنة 1918، و لويس جورج سولومون الذي سقط اسيراً في يد اليابانيين سنة 1942 ليعود بعد سنوات الى أستراليا بعدما اعتقد أهله أنه في عداد المفقودين ، أم أتحدّث عن دان نيكلاس الذي كان يقود طائرة حربية أسقطها جيش هتلر فوق هولندا في 10 -8- 1942، أم عن مايكل معلوف الذي استشهد 26-8-1942 في بابوا نيوغينيا، أم عن نسيبه السرجنت جون وليام معلوف الذي استشهد في 27-2-1944 في ذات الجزيرة، أم عن قائد السرب الملكي ألكسندر جوزيف أبو خير الذي نال وسام الأمبراطورية البريطانية تقديراً لبطولاته في الحرب العالمية الثانية على جبهات أوروبا.
وتطول اللائحة ويضيق المكان في ذكر من يجب ذكرهم ، والعبرة من ذكر هذه العيّنة من الأبطال الشهداء هي أنهم ينتظرون مَن يوثّق بطولاتهم ليقولوا لأجيالنا الناشئة في أستراليا :” نحن أبطال اٍستراليا وليس زعرانها، ونحن أوفياء لها ولسنا ناكري جميل، ونحن زرعنا كما زرع غيرنا ويحقّ لنا الحصاد مثل غيرنا.
مناسبة هذا الكلام في يوم الأنزاك،هي لأقول لكم جميعاً أننا “أنزاكيون” بامتياز..