بقلم رئيس التحرير / انطوان القزي

هو بعكس قطار الشرق السريع حيث الإثارة والتشويق ، وهو لا يحمل أحداثاً كالتي كتبتها أغاتا كريستي  .. بل هو قطار بطيء يخلو من المغامرة، شخصياته أدمنت الخداع والخيانة، ومشاهدُه مملّة وباهتة ، وركّابه ليسوا أبطالاً بل «عمشقوا» على جنباته ولا يدرون الى أين يسير بهم..

قطار يسير الى الوراء، عكس التاريخ والجغرافيا، هكذا عوّد ركابَه وهكذا هم تعوّدوا..

قاطرات تتوّجه مسرعة الى الماضي، فلا الربيع العربي مرّ على ركّابها ولا أدركتهم الحداثة ولا أيقظتهم الثورات الإجتماعية: ففي لبنان عادوا يختلفون على جمال باشا، وفي العراق والكويت عادوا يثيرون قضية ترسيم الحدود ليعود شبح صدّام مجدّداً، وفي اليمن طلاق جديد ولا عودة، في سوريا تغرّد طيور فلاديمير بوتين ورجب طيّب اردوغان فوق ما تبقّى من أغصان بعثية يابسة  فتهبط الليرة الى الحضيض.. وحده السودان نفض الغبار هذه المرّة ووضع رئيسه السابق علي عمر البشير وراء القضبان وأعطى المرأة موقعاً مرموقاً محاولاً فتح صفحة ديموقراطية جديدة.

هذا القطار البطيء منهك بالخلافات في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين، وينوء تحت ثورات الرغيف المكبوتة في مصر والأردن، وفي صراع العشائر في ليبيا.. لا تعتقدوا  انه يسير معافى في الخليج، فهناك أثقلوه بحرب اليمن والخلاف مع قطر وما تبقى من مال فلشراء فرق رياضية في أوروبا.. جميل هذا القطار!.