خاص بجريدة التلغراف

كنده سمارة – ملبورن

سأكون معكم في كل مرة بفكرة عن موضوع معين والفرق بين العرب والغرب.

هذه المرة سأتكلم فيها عن ثقافة الخبز … والفرق بين «عنا» و «عندهم»

عُرف الخبز منذ القديم كما سمي بملك المائدة، فلا تكاد مائدة تخلو منه، ومع أن أهميته تختلف من شعب إلى شعب، ومن ثقافة إلى أخرى فهو من أهم العناصر الغذائية لأغلب الشعوب. حتى أنّ المتحف البريطاني مايزال شاهد عيان على أرغفة الخبز القديمة التي كان يصنعها الفراعنة.

تختلف ثقافة الخبز من بلد إلى آخر تبعاً لعادات الشعوب فيقل تناوله عند الشعوب الغربية، بينما هو عصب المائدة في العالم العربي. لي صديق عربي يعيش في احدى الولايات الاسترالية، اعتاد وبشكل يومي على الذهاب لإحدى المحلات لشراء مايسمى «الخبز الافرنجي» فيشتري من 8 إلى 10 قطع.

سألته البائعة: ماذا تفعل بهذه الكمية … أتبيعها؟ «لأن هذه الكمية تعتبر كبيرة جدا بالنسبة للاستراليين.

فأجابها: لا ….. بل نأكله

البائعة: أتأكلون كل هذه الكمية !!!!!

أجابها: نعم

في اليوم التالي وجد صديقي كاميرا التلفزيون باتنظاره على اعتبار أنه حالة فريدة، فما كان منه إلا أن لاذ بالفرار.

يستخدم العرب الخبز وبكثرة، فأهل الحجاز لازالت أكلة  «الثريد» تتصدر المرتبة الأولى فالخبز هو العنصر الأساسي فيها. أما في سوريا فالفتّات بأنواعها هي من الأطباق الشهية والمهمّة. ولم تسلم حتى الحلويات من الخبز، فنجد في لبنان مثلاً «الكنافة بالخبز» ماعدا الفطائر «المناقيش» بأنواعها … وكله عبارة عن خبز مدهون بأشكال مختلفة.

في إحدى المرات تمت دعوة رجل مصري وهو «عمدة في مصر» كان الطعام عبارة عن جميع أنواع اللحوم إضافة إلى الأرز فما كان منه إلا أن سأل صاحب الدعوة «فين العيش»؟!!

لطالما ارتبط الخبز بالمخاوف السياسية والأزمات، فأول ما تفكر به عند حلول الأزمة هو تأمين رغيف الخبز. كما أننا لا نستطيع اغفال بأنّ صناعة الخبز قديماً كانت أسلم من الطرق الحديثة، فالسكر المكرر والطحين المكرر يؤدي وبنسب كبيرة إلى التسبب بمرض السكري. فكيف نستطيع إقناع هؤلاء الناس بأن تناول الخبز بكثرة سيسبب لهم العديد من الأمراض وخصوصاً أن الخبز هو العمود الفقري لمائدة الطعام العربي.

هناك الكثير من التساؤلات والقصص عن الخبز في موروثنا الثقافي، والأمثال الشعبية ماتزال شاهداً على ذلك:

فللتعبير عن الإخلاص والمشاركة نقول «بيننا خبز وملح» وللتعبير عن إتقان العمل نقول «أعطي الخباز خبزه ولو أكل نصفه» وللعبوس والتكشيرة «وجهها مابيضحك للرغيف السخن» حتى عند حصول أمر طارئ نقول «توزيع خبز للفقراء» وهذا بهدف دفع البلاء.

أما من التساؤلات المضحكة:

لماذا رغيف الخبز مدوّر وليس بالمربع؟

تقول بعض الروايات بأن ذلك يعود إلى تقديس بعض الشعوب لقرص الشمس وتشبيه الرغيف بها. ومن هذه القدسية التي توارثتها الاجيال هي عدم إلقاء الخبز في حاويات القمامة أو في الأزقة … وفي حال عثورك على قطعة خبز مرمية على الارض تقوم بإزالتها فورا «لأنها نعمة»