دينا سليم حنحن
وهبتني الحياة فرصة ثانية.
دخلتُ إلى المكتبة العامة، أعدتُ كتابا انتهيتُ من قراءته، وإذ بي أرى أمامي مجموعة تعاني من مشاكل بصرية، وفئة من ضعيفي السمع، أشّرتُ لأحدهم بلغة الإشارات أن يفتح لي الباب الزجاجي لدخول القاعة، دخلتُ وإذ بي أصدم بالمحاضر وقد أدى المحاضرة بلغة الإشارة مستعينا بالشاشة، عرض صورا لأنواع الكلاب وكيفية التصرف معها.
الموضوع: المصاحبة، وكيفية التمرن على صديق جديد، (كلب) يقودك، يحميك، يرشدك، ينذرك في حالة الخطر.
انسجمت تماما، بما أنني أتقن لغة الإشارة جيدا، وتذكرت الأيام التي تدربتُ فيها على هذه اللغة العالمية.
مرّت سنوات طويلة، كانت عاصية جدا، كنت فيها بحاجة إلى كلب يقودني، ويساعدني في مهامي الكثيرة، يأخذني إلى عملي، وإلى دراستي، ويساعدني في تخطي الطريق الصعب والسنوات الطويلة التي أمضيتها مع ابني بين أروقة المشافي، لم أكن عمياء أو صمّاء، بل وحيدة، ومشغولة إلى حد البكاء.
كم تمنيتُ أن يكون معي صديق يشبه الكلب، يطبطب على كتفي ويشجعني، يعلمني الصبر، ويحذرني من الخونة، يدربني كيف آخذ حذري من أقرب الناس، لم أجنِ سوى الخسارات!
أصبحتُ الآن في طور الشاهد، أحمل مدوّنتي وأدوّن المشاهد التي تستوقفني، تعيد إلي الذكريات الجميلة والأليمة، مدونتي رحلة تغوص في الذات البشرية، لكن رغم كل شيء وهبتني الحياة فرصة ثانية، أعيش الآن أجمل وأرقى الأوقات، حياة لا يمكن مقارنتها مما كنتُ عليه سابقا.