أنطوان القزي
إلى مّن يحمل اللبنانيون شكاواهم بعد اليوم، وأمام إي قاضٍ سيقف المتخاصمون بعدما «دبكت» بين الذين يتسلمون أمر اللبنانيين ويسهرون على حقوقهم؟!.
غداة الإنفجار الموصوف، دفن بعض الوزراء والنواب القانون اللبناني واحتكموا الى عدالة حي الشراونة في بعلبك، والى رفض رفع الحصانات في المجلس النيابي.
في الأمس القريب، سقطت كل الثريات والأضواء من سقف قصر العدل في بيروت بعدما رفض المستدعون المثول أمكام القضاء.
وهذا الأسبوع الماضي سقطت آخر «لمبة» من سقف «العدلية»، وما بين البيطار وعويدات، أطاحت القلوب المليانة بدماء شهداء المرفأ ودُفنت قضيتهم في حرب صلاحيات بين المدعي العام والمحقّق العدلي.
فالشرر يتطايرحيال ما يمكن ان يُسمّى مواجهة قضائية غير مسبوقة، عقب الاجراءات الصاعقة التي اتخذها المحقق العدلي القاضي طارق بيطار، لم يكن تطورا عابرا وهامشيا ان يكتوي اللبنانيون بارقام مخيفة هستيرية حلقت معها أسعار الدولار فأسعارالمحروقات منذرة بالمزيد، من الانزلاقات امس متجاوزا كل السقوف ولامس الـ55 الف ليرة في قفزة مذهلة. وفي الموازاة، حلّقت أسعار المشتقات النفطية مع صدور جدول تركيب أسعار المشتقات النفطية، إذ ارتفع سعر صفيحة البنزين 50 ألف ليرة وصفيحة المازوت 51 ألفاً ولامسا سقف المليون ليرة.
في المقابل، وبينما اكد قضاة محكمة التمييز ان قرارات بيطار منعدمة الوجود ولن تنفذ، رد النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي غسان عويدات بإطلاق جميع الموقوفين في قضية المرفأ وبكتاب الى بيطار قال فيه «نؤكد أن يدكم مكفوفة بحكم القانون و لم يصدر لغايته اي قرار بقبول او برفض ردكم او نقل او عدم نقل الدعوى من امامكم».
والسؤال، لماذا لم يطلق عويدات قبل اليوم الموقوفين، وهل ردّة فعله على قرارات البيطار اصبحت هي مقياس البراءة والإرتكاب؟!.
وفي البرلمان حيث نصف نوابه وأكثر هم من المحامين ، تحوّلت الجلسة المقرّرة لمناقشة قانون استقلالية القضاء، إلى مشادّة كلاميّة بين فريق يمثله حزب الله وحركة أمل يتّهم النواب الآخرين بتسييس القضاء، وأفرقاء آخرين يتعجبون من هذه التصاريح ويرفضونها.
بدأ الاشكال عند انتقاد النائب حسين الحاج حسن للقاضي طارق البيطار، لينضم إليه آخرون لتأييد لكلامه، قبل أن يعلوَ صوت كل من النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر رداً على دفاع بعض النواب عن البيطار، مؤكدين أن الأخير لا يقوم الا بتنفيذ أجندات سياسية.
وخرج زعيتر من القاعة غاضباً قائلاً: «ما بيفهموا بالقانون وبدن يناقشوا».
وهكذا صادر النواب دور القضاء وراحوا يقررون ويفتون وكلّهم أصبحوا أنسباء «قراقوش»
وعلم ان بعض التعليقات اتسمت بحدية بالغة وألفاظ عالية النبرة من قبل فريق «حزب الله» وحركة «أمل»، كما أنّه جرى في خلال الجلسة توجيه اتهامات لوليام نون وللنواب الذين تضامنوا معه. في الختام ، لا يهمنا سجال الرؤساء والوزراء والنواب والمدراء، لأنه الطبق اليومي على مائدة السياسة في لبنان، وما يخيفنا هو سجال القضاة، لأن القضاء هو ملح حياة الشعوب، واذا فسُد الملح بماذا يُملَّح؟!.