أنطوان القزي

بعد الضجة التي أثيرت حول استقبال مدارس لبنانية أعداداً من التلامذة النازحين الذين تسدّد أقساطهم الأمم المتحدة ، تبين أن سبب هذه الفضيحة هو الدولة اللبنانية والمصرف المركزي.
قال  المدير في قسم حقوق الطفل في «هيومن رايتس ووتش» بيل فان إسفيلد: «لا يستطيع الأطفال في لبنان تحمل سرقة سنة تعليمية أخرى منهم بسبب تخبط الحكومة وسياسة المصارف ولا مبالاة المجتمع الدولي بالنتائج السيئة”.
وأوضح: «من 2017 حتى 2021، قدم المانحون أكثر من 1.12 مليار دولار لبرامج التعليم المدرجة في «خطة لبنان للاستجابة للأزمة»، تم توجيه أكثر من نصف هذه الأموال إلى وزارة التربية والتعليم اللبنانية”.
لكن المانحين يحوّلون الأموال بالدولار الأميركي إلى البنك المركزي اللبناني، الذي يأخذ معظم قيمة المساعدات قبل أن تصل إلى المستفيدين منها من خلال تحديد أسعار صرف منخفضة بشكل مصطنع لعمليات السحب بالليرة اللبنانية.
وأشار بعض مدراء المدارس بأنهم لا يستطيعون سحب أكثر من 3 ملايين ليرة لبنانية شهريا، أي ما يساوي نحو 110 دولارات، ما يترك المدارس غير قادرة على دفع تكاليف الكهرباء أو الوقود أو أجور عمال النظافة، رغم دعم المانحين.
إذن ، قامت الدول المانحة بواجبها لكن الدولة اللبنانية عرقلت وصول المساعدات الى حيث يجب.
الفضيحة الثانية يوضحها بيان وزارة التربية والتعليم العالي الذي صدر يوم الثلاثاء من هذا الأسبوع ويقول:
“يتناقل العديد من وسائل الإعلام أخبارا تتعلق بمحاولات أممية لدمج النازحين بالتلامذة اللبنانيين في دوام قبل الظهر، بتمويل أممي تستفيد منه مؤسسات تربوية بالدولار النقدي لسد حاجاتها في الظروف الراهنة.
إننا في وزارة التربية والتعليم العالي، قد أشرنا إلى هذه المحاولات سابقا، واصدرنا مواقف حاسمة، منطلقين من سياسة وطنية وتربوية واضحة، تقضي بإعادة النازحين إلى المناطق الآمنة في سوريا وهي كثيرة.
وشددنا في حينه، على أن التسلل لاستغلال حاجة عدد من المدارس الخاصة إلى العملة الصعبة، بتسجيل التلامذة النازحين، هو توطين مقنع، مرفوض رفضا قاطعا.
واننا نكرر موقفنا الوطني والتربوي والإنساني، بأننا ملتزمون توفير التعليم لجميع الاولاد الموجودين على الأراضي اللبنانية، بدعم من الجهات المانحة، وأنه إذا لم يتعلم اللبنانيون فلن يكون ممكنا تعليم غير اللبنانيين، مهما كانت الأساليب والمشاريع.
فان الوزارة تؤكد عدم قبولها أي محاولة لدمج تلامذة نازحين ولتوطينهم من خلال القطاع التربوي الخاص، وتدعو المدارس الخاصة التي يتم التواصل معها من جانب اي جهة كانت لهذه الغاية بعرضها عليها تغطية كامل اقساط هؤلاء، الى الامتناع عن الاستجابة لهذه العروض وبالتالي رفضها كاملة لتعارضها مع السياسة العامة المعتمدة حكوميا وفق ما سبق بيانه، وبالتالي الى اخذ العلم ان من شان قبولها لهكذا عروض ان يوجب اتخاذ اجراءات في مواجهتها بدءا من عدم الاعتراف لها بنظامية تسجيلها لهؤلاء التلامذة وصولا الى منعها من استقبال تلامذة جدد وإلى ايقافها عن الاستمرار في التدريس وسحب الاجازة بفتحها عند الاقتضاء».
فلو سهّلت الدولة في السابق وصول أكثر من مليار دولارمن الدول المانحة الى المدارس لكانت وفّرت على نفسها البيان التي أصدرته هذه الاسبوع ، ولما كانت المدارس لجأت الى استقبال النازحين لتسديد مصاريفها.