بقلم هاني الترك
By Hani Elturk Oam
الأسبوع الماضي حينما التقى الرئيس الأميركي جو بايدن مع رئيس الوزراء الأسترالي الجديد انطوني البانيزي في اجتماع التحالف الرباعي.. قال بايدن الى البانيزي مازحاً: لن نلومك إذا غفوت في الاجتماع.. فإنك لم تنم منذ اليوم الماضي وقت الانتخابات وجئت فوراً لحضور المؤتمر.
وبهذه المناسبة لنا وقفة ننظر فيها على أهمية النوم.
فكنت قد قرأت كتاباً عن النوم يحمل عنوان
THE LOST ART OF SLEEP أي فقدان فن النوم للمؤلف مايكل ماكغير يقول فيه: ان النوم متعة من اجل تجديد نشاط الجسم والمخ.. أي الصحة النفسية والجسدية.. وقد ذكرت فوائده عبر التاريخ البعيد.
في عصرنا الحالي لا تزال التجارب العلمية تجري على النوم.. فإن الانسان في المتوسط في حاجة الى حوالي ثماني ساعات من النوم حتى يشعر بالحيوية والنشاط.. وقال عنه شكسبير في مسرحيته ماكبيث انه أعظم هبة من الطبيعة.. والحرمان من النوم يهلك الانسان.
وفي مسابقة عالمية جرت منذ عدة سنوات عن أطول وقت يمكن ان يبقى فيه الشخص يقظاً دون نوم.. فاز بها شخص روسي اذ استمر صاحياً ١٦ يوماً وعدة ساعات.. أصيب بعدها بالقشعريرة وانهار فاقداً للوعي.. ولكن دخل اسمه في كغينيس للأرقام القياسية.
والحرمان من النوم ممنوع دولياً بالقانون.. كان الرومان في الماضي السحيق يعاقبون المحكوم عليهم بالموت بالحرمان من النوم.. بضربهم بالسياط إذا غفو من اجل إيقاظهم.. وفي خلال يومين او ثلاثة يموتون تحت وطئت العذاب بالحرمان من النوم.
هناك اشخاص قليلون يحتاجون الى ساعات اقل من النوم ومع ذلك يتمتعون بالنشاط.. مثل الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر الذي ينام ثلاث ساعات في اليوم فقط.. وكذلك رئيسة وزراء بريطانيا الراحلة مارغريت تاتشار.. والفيلسوف الاغريقي ارسطو هو ضمن الأشخاص المعروفين في التاريخ الذين ينامون لساعات معدودة.
هناك أناس يعانون من الارق.. وتلعب العقاقير الطبية دوراً في تنويمهم.. واحياناً تكون العقاقير ضارة بالصحة.. فذات مرة تناولت امرأة أسترالية عقاقير طبية لمساعدتها على التغلب على الارق.. قامت بالسير اثناء نومها وتسلقت جسر الهاربر.. وسقطت من أعلاه ولقيت حتفها.
ينحي المؤلف باللائمة الكبرى على العالم الكبير توماس اديسون لتشجيع الناس على اليقظة.. والعمل بجهد وعدم النوم الا القليل.. واديسون هو الذي اخترع المصباح الكهربائي عام ١٨٧٩.. وضمن اختراعاته الفوتوغراف والالة الكاتبة.. وجهاز لاقط الراديو وآلة التصوير السينمائي.. وهو القائل بإن العبقرية والوحي والالهام هي ١ ٪.. في حين ان ٩٩٪ هي عرق وجد وجهد.
فهو الذي دفع الناس للعمل الشاق حتى يصابوا بالإنهاك ليأتوا بالأفكار الإبداعية.. واديسون هو الذي اخترع مفهوم اتخاذ مهنة للعمل المعمول بها في القرنين العشرين والحادي والعشرين.
ولا يخلو الكتاب من التعرض للنوم عبر التاريخ.. واقتباس الأمثلة الأدبية المتعلقة بالنوم.. مثل الشاعر فيرجيل الذي يعتبر أعظم شعراء روما بسبعين سنة قبل الميلاد.. ومن أروع اعماله الالياذة التي تدور حول سقوط طروادة.. ومثل الشاعر الاغريقي هوميروس الذي ألف الالياذة.. مثل الاديب الإنكليزي الكبير شارل ديكنز.. الذي ألف قصة (التوقعات الكبرى) عن استراليا.
ومثل أعظم الادباء وليم شكسبير في مؤلفاته هاملت وماكبيث وتاجر البندقية.. وغيرهم من المؤلفين عظماء التاريخ.. الذين عبروا وكتبوا في أعمالهم الأدبية عن النوم.. وهم أنفسهم لم ينامون كثيراً انطلاقاً من حقيقة ان النوم يسرق ثلث حياة الانسان.
فإن الحياة في اليقظة متعة والنوم ايضاً فيه متعة.. مع اننا لا نعرف من الناحية العلمية بالدقة لماذا ننام.