أنطوان القزي
شاهدت يوم الإثنين على الشاشات اللبنانية متظاهرين يدخلون وزارة الطاقة في بيروت مطالبين برفع تقنين الكهرباء ولو جزئياً خاصة وأن معظم المناطق باتت تعيش في عتمة كاملة، وبدل أن يشعر أحد المسؤولين مع صرخة الوجع،إذ به يطرد المحتجين ويقول لهم :
«روحوا شوفوا سفاراتكن»!..
المشهد عينه تكرّر أمام وزارة الإقتصاد يوم الثلاثاء . فأمام انقطاع الطحين في الشمال والجنوب ، رفضت محلات السوبرماركت تسليم المواطنين حاجاتهم المنزلية منه، وتوجّه بعض هؤلاء الى المطاحن ووجهوا بذات العبارة:» روحوا شوفوا سفاراتكن «!.
في 6 أيلول 1989، قرّرت الولايات المتحدة الأميركية إغلاق سفارتها في عوكر. كان دايفيد ساترفيلد السكرتير الثالث والمستشار السياسي في السفارة، بسبب العلاقة المتوتّرة مع العماد ميشال عون رئيس الحكومة العسكرية وقتها، بعد توجيه تظاهرات مؤيّدة له إلى عوكر، ومحاصرة السفارة الأميركية فيها. وكان ذلك أيضاً قبل ثلاثة أسابيع من توجّه النواب اللبنانيين إلى الطائف في المملكة العربية السعودية، بحثاً عن تعديل الدستور، وصولاً لما أصبح لاحقاً يُعرف باتّفاق الطائف الذي عارضه بشراسة العماد عون. كان عون مُقتنعاً بأنّ الإدارة الأميركية تشارك في حصاره، ولذلك قرّر أن يحاصر السفارة ويطرد الدبلوماسيين منها.
إنه مشهد سياسي أمام صسفارة فهمنا!!.
ويوم الأحد في التاسع من حزيران يونيو 2013 لقي متظاهر لبناني حتفه وأصيب 11 آخرين قرب السفارة الإيرانية في بيروت بعد أن أطلق مسلحون مؤيدون لحزب الله النار لتفريق تظاهرة مناهضة لتدخل إيران وحزب الله في القتال في سوريا.وحصل إشكال «تخلله إقدام أحد الأشخاص على إطلاق النار من مسدس حربي ما أدى إلى إصابة المواطن هاشم السلمان الذي ينتمي الى حزب الإنتماء اللبناني “.
وهذا أيضاً مشهد سياسي أمام سفارة فهمنا!!..
ومن يومها بدأ «حزب الله» يطلق عبارة «شيعة السفارة» على كل مّن يخالفه الرأي؟.
في 17 كانون الثاني يناير سنة 2006 وجّه «حزب الله» تظاهرة الى السفارة الأميركية في عوكر احتجاجاً على التدخّل الأميركي في لبنان. وتكررت هذه التظاهرات لذات الأسباب ولغيرها مدعومة من القوى اليسارية وقوى الممانعة باتجاه عوكر : في 10 كانون الأول ديسمبر 2917 وفي 23 تشرين الثاني نوفمبر 2019 وفي 2 شباط فبراير 2020 وفي آب أغسطس 2020 .
أيضاً فهمنا لأنها لأسباب سياسية.
أما أن تصبح المطالبة بالحليب والدواء والكهرباء «لازمة» يكررها المسؤولون اللبنانيون لتغطية فشلهم وفسادهم، فهذه أسوأ درجات العار وفقدان الأخلاق؟!.
فالمواطن اللبناني هو لبناني قحّ والمسؤولون الذي يذلّونه خم أزلام السفارات.
عيب أن تقولوا للطفل الجائع والعجوز المريض: «روحوا شوفوا سفاراتكن»!.
ما عدنا نجد في القواميس صفاً يليق يكم يا «بلا ضمير»؟