بقلم نور الدين مدني
*سعيد بالاهتمام الذي يجده كلام الناس الاجتماعي خاصة من الآباء والأمهات، ومن الشباب أيضا، فقد اتصل بي أستاذ كبير بإحدى الجامعات، مؤكدا ما ذهبت إليه من ضياع بعض بناتنا وأولادنا من بين أيدينا ونحن في غفلة عنهم، قال المربي الكبير إنه فوجئ بأن غالب طلابه وطالباته رسبوا في المادة التي يدرسها لهم، وعندما لجأ للاختصاصي النفسي بالجامعة ليعرف السبب اكتشف حجم الحالات المفجعة وسطهم/ن، ووعدني بأن يكتب لي بتفصيل أكثر عن هذا الأمر المؤسف.*قبل أن أعرف وتعرفون التفاصيل دعونا ننتبه جيدا لأولادنا وبناتنا، وأن نعتني بهم أكثر، وأن نتقرب إليهم ونسمع منهم ونفتح قلوبنا قبل أذهاننا لهم، وأن نعمل على الأخذ بيدهم قبل أن ينجرفوا في طريق الانحراف الذي أصبح ممهدا أمامهم، حتى نعيدهم إلى حضن أسرهم ومجتمعهم ووطنهم الذي يحتاج لهم كما يحتاجون إليه.* رسالة اليوم وصلتني من الشابة مريم التي تخرجت في الجامعة، لكنها لم تحصل على عمل بعد، تقول مريم في رسالتها المعبرة إنها فشلت في فتح قلبها للآخر؛ لأنها مازلت تعيش في حب والدها، تعالوا نقرأ بعض سطور رسالتها وهي تقول: (أتعلم كم كنت أحتاج لنفسي، أدفن فيها بعض جسدي عندما أكون مع غيرك) و(يا رب هذا الحب يوجعني.. ضعيفة أنا بدونك)، هكذا كانت ترثي والدها الذي رحل قبل عامين من هذه الفانية بكل هذا الحب.*تقول مريم إن رحيل والدها ترك فراغاً كبيراً في حياتها، فقد كانت لصيقة الصلة به، زرع الحب في دواخلها بما كان يفيض عليها من رعاية واهتمام وتشجيع حتى استطاعت شق طريقها في الحياة والجامعة والمجتمع المحيط، لذلك من الطبيعي أن تحبه كل هذا الحب لكن من غير الطبيعي أن تغلق قلبها ودواخلها على هذا الحب الأبوي، وهذا هو الأمر المقلق في رسالة مريم.*قد تكون هناك عوامل أخرى غير معلومة لدينا هي سبب هذا الانغلاق العاطفي، لكنها لا تبرر الانكفاء على الماضي الذي لن يعود، خاصة وأن قطار الحياة لا يتوقف عند محطة واحدة، وعلى مريم أن تغادر هذه المحطة إلى محطة جديدة تكتشف فيها طاقاتها الكامنة مستصحبة طاقة حبها لأبيها وتتقوى بها، وهي تبدأ حياتها الخاصة الطبيعية والمشروعة والضرورية للعمران الأسري والاجتماعي والإنساني.
تختتم مريم رسالتها قائلة:(الحب زادنا في الحياة، كنا به، وبه سنكون، وبه نحيا) ونقول لها: افتحي قلبك لنوافذ الأمل حتى تشرق شمس حياتك ومستقبلك في جو صحي معافى.