لميس طوبجي-سيدني

عود يؤنس بألحانه وحشة مدينة .. وفانوس يضيء عتمة الحاضر .. وأريكة يرتاح عليها المتعبون من الزمن .. وكوز ماء يسقي العطشى إلى التراث والأصالة ..
الناظر إلى المدينة والفانوس والأريكة والنرجيلة والعود والبساط يظن ما يراه واقعياً لكنه في الحقيقة عبارة عن منحوتات جميلة .. نحتتها أصابع الموهبة وزينتها بذور المحبة لحضارة العراق وتراثه العريق ..
ومن ذاكرته التي تشبعت بالجَمال والحضارة, ومن الذائقة الفنية المميزة يستحضر الشاب العراقي عمار العزاوي روح التراث القديم قبل أن يندثر محاولاً صنع نماذج مصغرة بطريقة واقعية ..
عمار العزاوي شاب عراقي في الثلاثين من عمره بدأ موهبة الرسم مذ كان في السادسة و شارك بمعارض ومهرجانات مدرسية ثم تطورت موهبته إلى النحت..
تم رفضه في كلية الفنون الجميلة رغم تجاوزه لمرحلة الاختبار .. فتقدم لدراسة الإدارة والاقتصاد وناقش رسالة الماجستير .. وتخرج من الجامعة عائداً إلى إبداعه .. كانت بدايته بصنع نماذج مصغرة للسيارات وتصويرها بشكل متقن لتبدو أكثر واقعية ..وهو ما يسمى بالدايوراما .. وافتتح معرضاً لتلك السيارات..
واجهته الكثير من الصعوبات والعقبات كاختيار نوعية المواد المستخدمة وقلة معلوماته في هذا المجال .. لكنَّ تشجيع الأهل ودعم الأصدقاء جعلاه يصعد درجة رفعَتْه درجات .. فابتدأ بالشناشيل والشناشيل عبارة عن شرفات بارزة مبنية من الخشب  المنقوش والمزخرف والمبطّن بالزجاج الملون  وهي أبرز ما يميز منازل البصرة وبغداد .. وأصبح العمل مع مرور الوقت أجمل وأسهل ..وازدادت ثقة عمار بنفسه وفوق بساط سحري تنقل من منطقة إلى أخرى في الذاكرة وبين صور المدن ليلتقط بعدسة عينيه الأجمل ويحولها إلى منحوتة جميلة ..
يستعين عمار بالمواد الخام من الخشب وقطع الحديد القديمة والأصباغ المائية لصنع أعماله داخل منزله في قلب بغداد ..
الشناشيل توشك على الاندثار على أرض الواقع لكنها لم تندثر من ذاكرة عمار ومخيلته وهو يعمل على إحيائها على طريقته الخاصة .. ويحاول الاحتفاظ بتفاصيلها ومعالمها للأجيال التي لا تعرفها ..
يهدف عمار إلى تخليد أعمال في تاريخ الفن مجسِّداً كلام الجواهري:
ماذا يريد اللائمون فإنّه
وطن يُحَبُّ ، وحُبُّه إيمان