لميس طوبجي-سيدني

الحياة مدرسة .. وفي السنة الأولى من الغربة كما في السنة الأولى من المدرسة والجامعة .. تخطو لأول مرة مبتعداً عن حضن أهلك وحضن بيتك .. فيما تخطو مبتعداً عن حضن الوطن إن قررت أن تغترب .. تبحر في علوم المعرفة وعلوم التجارب .. تنهل من مواد دراسية كثيرة ..
في السنة الأولى من الغربة تتصفح مادة الحنين تتفوق فيها وتتفوق عليها ..
في السنة الأولى من الغربة كما في السنة الأولى من الحياة .. تطأ قدماك أرض الغربة وكأنك الآن قد ولدت .. ومثل مولود صغير تبدأ استيعاب ما حولك على مهل .. تبدأ ردات فعلك بالتحرك ببطء وصعوبة .. تبتسم .. ثم تبدأ باستيعاب اسمك مثل صغير في شهوره الأولى .. تبدأ أذناك بتذوق حروف اسمك كما هو لا كاسم الدلع الذي اعتدت سماعه في الوطن .. تبدأ في التلفت إلى مصدر الأصوات ومحاولة استيعابها كما تحاول استيعاب اللغة الجديدة والأرض الجديدة والقوانين الجديدة .. ربما تصاب باليأس وعدم الفهم فتبكي ..
تفاصيل صغيرة لكنها جديدة عليك .. كيف تتعامل مع الناس الغرباء من شتى الثقافات والبلدان ؟؟ كيف تبتاع أغراضك؟ كيف تسير في المدينة الجديدة؟ كيف تتعامل مع المصرف أو تسحب أموالك؟ ومع كل فعل بسيط تفعلُه تجد من يبتسم لك من يصفق لك من يشجعك ويفخر فيك .. كلمات التشجيع والتصفيق تصلك ممن يشاطرك طبق الغربة ممن يشترك معك بصلات المحبة والمودة ..
ثم تبدأ بالزحف كما يفعل وليد في شهوره الأولى .. تزحف باتجاه المجهول باتجاه السنة الثانية من الغربة .. وأنت تحلم أن تمشي يوما ً وأن تركض وتركض و تركض باتجاه الحلم ..