لميس طوبجي-سيدني

وخيرُ جليسٍ في الأنامِ كتابُ .. فكيفَ إذا كان الكتابُ كتابَ الحبِّ وكان الحُبُّ حفنةً من أغنيات؟
«كتابُ الحبِّ» ليس مجرد ديوان شعرٍ ولا عنوان رواية بل هو ألبومٌ غنائيٌّ جديد للفنَّان كاظم السَّاهر وأغنياتِهِ قصائدُ للشَّاعر نزار قبَّاني ..
أتصفَّح أغنيات الكتاب .. أتدحرج فوق السلالم الموسيقية وصولاً إلى دواوين نزار … دواوين نزار كانت تزين مكتبتي .. دواوين قديمة بورقها الأصفر القديم كنتُ كلما فتحتُها أشعر أن روح نزار تخرج لي من سطورها فتؤنسني وتعلمني .. دواوين تركتُها تحت أيدي من اقتحم بيتي .. لا أدري ما حالها اليوم ؟؟ هل لا تزال صفراء أم تحوَّلت رماداً ؟؟
بعيدة أنا اليوم عن هذه الدواوين .. لا تستطيع يدي أن تصل إليها, لأن بيني وبينها بلادٌ وحواجز وحروب ..
يغني كاظم قصائد نزار .. فيفتح بصوته دواوين نزار ويقلِّبها لي من بعيد .. يعيدني للشام ويعيدني لمنزلي دون أن يعيد نزار إليَّ .. ومن غير أن يعيدَ البيت والوطن إليَّ ..
كاظم يغني.. صوته جواز سفر وطائرة .. صوته فرح وبكاء وحنين .. صوته يفتح لي باب حنين آخر …. يجعلني أحنُّ إلى الشام لا من أجل الشام هذه المرة ولا من أجل أهلي وأصدقائي كما العادة .. بل من أجل نزار .. ومن أجل أرواح الذين ماتوا ولا تزال أنفاسهم تحوم في الشام ..  وكنت كلما اقتربت من قبورهم أقترب من أرواحهم .. اليوم أنا بعيدة .. بعيدة عن قبورهم .. بعيدة عن شواهد خلدت أسماء الموتى .. لا تستطيع يدي رش الماء أو زرع غصن أخضر فوق القبور لكن كاظم استطاع أن ينبش بصوته قبور القصائد والذكريات .. أتدحرج فوق سلالم الموسيقا وصولاً إلى قبر نزار كي يعيد على مسامعي قراءة أبجدية الياسمين .. وأتلو على مسامعه أبجدية الحنين … أليس الحنين لدى المغترب كافياً  .. ألا يزيد عنه ويفيض عن مستوى قلبه؟!.  يتدفق داخلي حنين جديد .. حنين إلى الشام وقبورها .. إلى أنفاس موتاها .. إلى نزارها .. إلى أرواح الذين ماتوا وأورثوني جزءاً من أرواحهم وحبهم للشام ..
كتبَ نزار كتاب الحبِّ وغناها كاظم دون أن يعلم أنه فتح داخلي كتباً من حنينٍ يصعبُ إغلاقُ أغلفتها ..